
رغم قتامة المشهد العربي وتكالب قوى العدوان وقصور الرؤية عند كثير من النخب، والعجز عن صياغة رؤية جمعية للتجاوز، فإن أمتنا لن تموت وستنهض من بين الركام والدمار مجددا، فكم من مرة تجمعت قوى الشر والعدوان لاستكمال واستمرار مشروعها العدواني الصهيو الأمريكي على الامة، وباستخدام البعض من دولنا ونخب عربية فقدت الرؤية والمسار لتضع نفسها سواء بوعي منها أو بدون وعي.. وببعض خطايانا بعدم الاستفادة من دروس النكبة والنكسة المتعاقبة، وعدم القدرة على قراءة المشهد جيدا، وبثقة البعض في امريكا اصل كل البلاء والشرور، والتعاون معها. هكذا تم ضرب مشروع النهوض القومي العربي الناصري في العام 1967, إلا أن إن الأمة تماسكت ولو إلى حين، وما أن انتصرت في أكتوبر 1973, إلا أنها سلمت انتصارها للعدو وجعلت من نفسها رهينة للعدو. وهكذا أيضا تم تدمير العراق وقدراته الهائلة، لأسباب عدة، منها خطايا الحسابات وعدم التقدير الصحيح، وايضا تكالب تحالف دولي وعربي، ومسارعة دول عربية للانضواء تحت قيادة امريكا لتدمير العراق، هكذا فعلت مصر وسوريا، بالمشاركة في الحرب على العراق، ومن ثم نحر رئيسه في مشهد لا تخفى دلالاته. وهكذا ايضا، تم تدمير ليبيا بتحالف وثيق بين الناتو الأمريكي ونظم عربية، ليتم تمزيق ليبيا، وقتل قائدها، في مشهد أيضا لا تخفى دلالاته على كل ذي فهم. ويستمر ذات المشهد، بحرب كونية على سوريا، لتدميرها، ولتبقى الأمة لقمة سائغة لتتسيد امريكا وقاعدتها العسكرية دولة الكيان الصهيوني، المشهد العربي. ويتم ضرب المقاومة ومقدراتها في غزة وفلسطين ولبنان.. كل هذا يتم، لتعقيم واخصاء القدرات العربية، لتنصيب اسرائيل قائدة الإقليم، تنفيذا للمخططات الكونية الأمريكية سيدة العالم الحر!! بينما تتصارع نخبنا العربية فيما بينها مخدوعة بشعارات الديمقراطية الغربية ودعاوي حقوق الانسان، لتطعن أمتها ومستقبلها في الصميم. وهذا كله لا ينفي مسؤولية كل النخب الحاكمة في كل دولنا العربية على امتداد تاريخنا الحديث إلى ما آل إليه حالنا. هكذا ، بأيدينا نحن، كل النخب المهترئة، خاصة المنخدعة بشعارات الغرب، وفقدان الرؤية والتميير بين ما هو تناقض رئيسي وتناقض ثانوي، ولسوف يندمون أشد الندم حين يجدون انفسهم خارج كل مشهد، إذ تخلوا عن رؤاهم العربية والقومية لينضووا تحت راية إرهابيين قتلة وتاريخهم يشهد على ذلك، حيث تحكمت فيهم مشاعر الكراهية التي تعني البصر والبصيرة، ولسوف تثبت اقرب الأيام، صحة هذا المشهد الذي أتوقعه. منذ متى يكون الاحتماء بالممالك الرجعية وهي كلها نظم استبدادية، كما هو حال كل دولنا العربية، ولا استثني منها نظاما واحدا، والتمثل بدعاوي الديمقراطية الغربية، واستدعاء الامريكي، منذ متى يكون ذلك مسلكا قوميا.. إلا في أزمنة الاهتراء والهوان العربي وملوك الطوائف، وتاريخنا قديما وحديثا يشهد على ذلك. وفي النهاية لا يصح إلا الصحيح، فهذه الأمة وكم من النكبات والصدمات مرت بها، إلا أنها قادرة على التجاوز. واني لأثق بقدرة أمتنا العربية على استيعاب دروس نكساتها وهزائمها، لتصنع النصر الذي نتمناه، ولن يكون ذلك إلا بالعلم والعمل والنقد لكل تجاربها، وأعمال العقل، وإعادة بناء نفسها وقواها على أسس علمية سليمة تستلهم من تاريخها كل ما هو إيجابي وفاعل لتصوغ مشروعها للنهوض الحضاري والقومي والانساني.. وعلى الله قصد السبيل، وعليه يتوكل المؤمنون....