إذا كان الظلم محرماً مطلقاً والعدل واجب، والجهاد إنما شرع لرفع كلمة الله وإخراج الناس من عبادة العباد إلى عبادة الله وحده ومن جور السلطان إلى عدل الإسلام.
فإن من رفع راية باسم الإسلام لجهاد أعداء الله وهو متصف بهذه الصفة جدير بالنصر على أعداء الله، أما من رفعها وهو يفقد العدل ويتصف بالظلم فإنه جدير بأن يكله الله إلى نفسه بل أن يهزمه ويديل عليه عدوه الكافر إذا كان أكثر اتصافاً بالعدل والبعد عن الظلم من المسلم.
وقد نص العلماء أن الدولة العادلة أحق بالقيام في الأرض ولو كانت كافرة من الدولة الظالمة ولو كانت مسلمة .
قال ابن تيمية رحمه الله : وأمور الناس تستقيم في الدنيا مع العدل الذي فيه الاشتراك في أنواع الإثم أكثر مما تستقيم مع الظلم في الحقوق وإن لم تشترك في ثم، ولهذا قيل : إن الله يقيم الدولة العادلة وإن كانت كافرة ولا يقيم الظالمة وإن كانت مسلمة.
ويقال الدنيا تدوم مع العدل والكفر ولا تدوم مع الظلم والإسلام، وقد قال النبي ﷺ : « ليس ذنب أسرع عقوبة من البغي وقطيعة الرحم » فالباغي يصرع في الدنيا وإن كان مغفوراً له مرحوماً في الآخرة، وذلك أن العدل نظام كل شيء فإذا أقيم أمر الدنيا بعدل قامت وإن لم يكن لصاحبها في الآخرة من خلاق ومتى لم تقم بعدل لم تقم وإن كان لصاحبها من الإيمان ما يجزى به في الآخرة) (۳).
(1) البخاري رقم : ٤٦٨٦ فتح الباري (٨ - (٣٥٤) ومسلم (٤) - (۱۹۹۷). والآية من سورة هود: .۱۰۲
(۲) مسلم (٤ - ١٩٩٤).
(۳) الفتاوي (٢٨) - ١٤٦) .
قراءة ممتعة مع صوم مقبول إن شاء الله تعالى.