قال الله تعالى: ﴿وَمَا تَفْعَلُوا مِنْ خَيْرٍ فَإِنَّ اللَّهَ بِهِ عَلِيمٌ﴾ [البقرة: ٢١٥]، فيجزيكم عليه، وقال تعالى: ﴿وَمَا تَفْعَلُوا مِنْ خَيْرٍ يَعْلَمُهُ اللهُ﴾ [البقرة: ١٩٧]، فلا يُضيعه. قال سعيد بن جبير : كان المسلمون يرون أنهم لا يؤجرون على الشيء القليل إذا أعطوه، وكان آخرون يرون أن لا يُلامون على الذنب اليسير الكذبة والنظرة والغيبة، وأشباهها، فنزلت: فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ، وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًا يَرَهُ﴾ [الزلزلة: ٧-٨]، وكقوله تعالى: ﴿مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِّن ذَكَرٍ أَوْ أُنثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُم بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ﴾ [النحل: ٩٧].
وأصول طرق الخير ثلاثة: إما جهد بدني، وإما بذل مالي، وإما مركب من هذا وهذا. أما الجهد البدني فهو أعمال البدن؛ مثل الصلاة والصيام، والجهاد، وأما البذل المالي فمثل الزكاة والصدقات والنفقات، وأما المركب فمثل الجهاد في سبيل الله بالسلاح والمال والنفس، ولكن أنواع هذه الأصول كثيرة جداً، من أجل أن تتنوع للعباد حتى لا يملوا، ويسأموا، قال الله تعالى: ﴿فَاسْتَبِقُوا الْخَيْرَاتِ﴾ [البقرة: ١٤٨»، وهذا يدل على أن الخيرات ليست خيراً واحداً، بل طرق كثيرة. ويدل لما قلنا، إن من الناس من تجده يألف الصلاة، فتجده كثير الصلوات، ومنهم من يألف قراءة القرآن، فتجده كثيراً يقرأ القرآن، ومنهم من يألف الذكر، والتسبيح، والتحميد، وما أشبه ذلك، فتجده يفعل ذلك كثيراً، ومنهم من يحب بذل المال فتجده دائماً يتصدق وينفق على أهله، ومنهم من يرغب العلم وطلب العلم، الذي هو في وقتنا هذا قد يكون أفضل أعمال البدن؛ لأن الناس في الوقت الحاضر محتاجون للعلم الشرعي، لغلبة الجهل، وكثرة المتعالمين الذين يدعون أنهم علماء، وليس عندهم من العلم إلا بضاعة مزجاة، وقد نشروا الفوضى في القرى و البلدان والمدن.
قراءة ممتعة مع صوم مقبول إن شاء الله تعالى.