فِي كِتَابه «مَهزلة العَقْل البَشري»، يذكر المفكر العراقي علي الوردي قصّة معبرة يَقول فِيهَا: (يُحكَى أنَّ جَمَاعة مِن الفِئرَان، اجتَمعُوا ذَات يَوم، ليُفكِّروا فِي طَريقة تُنجيهم مِن خَطَر القِطِّ، وبَعد جَدَلٍ عَنيف، قَام ذَلك الفَأر المُحتَرَم، فاقتَرَح عَليهم أَنْ يَضعوا جَرسًا رَنَّانًا فِي عُنق القِطّ، حَتَّى إذَا دَاهمهم؛ سَمعوا بِهِ قَبل فَوَات الأَوَان، وفَرّوا مِن وَجهه. إنَّه اقترَاحٌ رَائِع لَا رَيب فِي ذَلك، ولَكن المُشكِلَة الكُبرَى؛ كَامِنَة فِي كَيفية تَعليق الجَرَس عَلَى عُنق القِطّ، فمَن هو ذَلك العَنتَري الذي يَستَطيع أَنْ يَمسك بعُنق القِطِّ، ويَشدّ عَليه خيط الجَرَس، ثُمَّ يَرجع إلَى قَومهِ سَالِمًا غَانِمًا؟.. نَسَي صَاحبنَا الفَأر، أَنَّ اقترَاحه لَا يُمكن تَطبيقه عَمليًا، فالقِطّ سَوف يَأكل كُلّ مَن يُريد أَنْ يَشدّ عَلى عُنقه جَرَسًا مِن مَعَاشِر الفِئرَان)..!
المغزى من القصة هو:
الفكرة التي تقدمها تشير إلى أهمية العملية والفاعلية أكثر من الشكل الخارجي أو الجمال في أي مشروع أو فكرة. فعلى الرغم من أن الأشياء الجميلة والرائعة تلفت النظر، إلا أن الأهم هو كيفية تنفيذها وفائدتها العملية. مثلما يمكن لمفتاح بسيط من الحديد أن يفتح بابًا، بغض النظر عن مادته أو شكله، يمكن لفكرة بسيطة وعملية أن تحقق نتائج رائعة وتحقق الأهداف المرجوة. لذا، يجب علينا التركيز على الفعالية والعملية في كل ما نقوم به، وعدم الانغماس فقط في الشكل الخارجي أو السطحي.
مهزلة العقل البشري هو كتاب للباحث الاجتماعي العراقي الدكتور علي الوردي، صدرت الطبعة الثانية من هذا الكتاب في سنة 1994 (وصدرت الطبعة الأولى سنة 1955)، وهذا الكتاب لا يختلف في طرحه للأمور عن كتاب وعاظ السلاطين. يدور الكتاب حول إطار البحث الاجتماعي وفهم الطبيعة البشرية المترفة وكذلك تحليل لبعض الأمور ذات الطابع الاجتماعي ويتناول الكتاب أيضا أحداث التاريخ الإسلامي في ضوء المنطق الاجتماعي الحديث.
تم تحميل الكتاب في الموقع الرسمي الإلكتروني لمجلة رصيف 81
رابط التحميل في التعليقات