ملف الهجرة بموريتانيا: قراءة في المخاطر الأمنية والديمغرافية والسياسية
8 مارس، 2024
الريادة/ يشكل توقيع الإعلان المشترك بين موريتانيا والإتحاد الأوروبي حول الهجرة هاجسا كبيرا لدى المواطن الموريتانيا، وذلك بالنظر لما يترتب من واجبات يتعين على الدولة القيام بها
إضافة إلى ما يشكله من مخاوف أمنية وديمغرافية واجتماعية وحتى دينية وثقافية نظرا للاختلاف الواضح في الدين والمعتقدات والثقافات والعادات بين المهاجرين الوافدين لموريتانيا والشعب الموريتاني المسلم المسالم.
ولتحليل هذه الظاهرة أو الوضعية التي وضعت الحكومة الموريتانية الشعب فيها؛ يمكننا القول : إنه بعد عقد الاتفاق بين الاتحاد الأوروبي وموريتانيا بشأن استقبال و إيواء المهاجرين، تتزايد النقاشات والتحديات المتعلقة بهذه القضية. يثير موضوع إمكانية وصول المهاجرين إلى موريتانيا في هذا السياق مخاوف ديمغرافية وأمنية واجتماعية جديدة تتطلب اتخاذ إجراءات فعالة للتعامل معها.
*الخطر الديمغرافي:*
إن وصول المهاجرين بكثافة إلى موريتانيا بعد توقيع الإعلان المشترك قد يؤدي إلى تحديات ديمغرافية خطيرة منها أنه قد يؤدي زيادة عدد السكان إلى زيادة الطلب على الموارد الطبيعية والخدمات الاجتماعية مثل المياه والغذاء والتعليم والرعاية الصحية.
كما قد يؤدي إلى اضطرابات في النظام الديمغرافي للبلاد وضغوط كبيرة على البنية التحتية والموارد.
*الخطر الأمني:*
يشكل وصول المهاجرين بكميات كبيرة خطرًا أمنيًا على موريتانيا، حيث يمكن أن يتسلل أفراد غير مرغوب فيهم أو عناصر إرهابية مع تدفقات المهاجرين. قد تستغل الجماعات الإرهابية هذه الفرصة لزرع الفوضى والتوتر في البلاد، مما يعرض أمن المواطنين واستقرار البلاد للخطر.
*الخطر الاجتماعي:*
يمكن أن يؤدي وصول المهاجرين إلى تحديات اجتماعية كبيرة في موريتانيا، مثل زيادة التوتر بين المجتمعات المحلية والمهاجرين ونقص فرص العمل وارتفاع معدلات البطالة. قد تواجه الحكومة صعوبة في إدارة التواجد الكبير للمهاجرين وتوفير الخدمات الضرورية لهم دون التأثير على السكان المحليين.
لمواجهة هذه التحديات، يجب على الحكومة الموريتانية اتخاذ إجراءات واضحة وفعالة، بالتعاون مع الاتحاد الأوروبي والمنظمات الدولية، لضمان استقبال وإيواء المهاجرين بشكل آمن ومنظم. يمكن تحقيق ذلك من خلال تعزيز التعاون الدولي في مجال إدارة الهجرة وتعزيز سبل التنمية المستدامة في موريتانيا لتلبية احتياجات السكان المحليين والمهاجرين على حد سواء.
أما من الناحية السياسية فقد يشكل الإعلان ذريعة لدى القوى السياسية المناؤة للرئيس محمد ولد الشيخ الغزواني وذلك باستقلال الملف ضده في الانتخابات الرئاسية المقبلة، إذا ما أدركت المعارضة الردكالية التي لا شك أنها تترصد هذا النوع من الزلات لاستغلالها ضد النظام في الانتخابات الرئاسية.
كما قد يؤثر على حالة الهدوء الساسي والتي شهدتها البلاد خلال المأمورية الأولى من حكم ولد الغزواني، التي شارفت على النهاية.
إن إيواء المهاجرين في موريتانيا مسألة بالغة الخطورة ويمكن أن تشكل منعطفا سياسيا خطيرا إذا ما نجحت المعارضة في استغلالها السياسي وخلق رأي عام وطني حولها من أجل تكييفها كجريمة ضد الشعب وهو ما يشكل تحديًا كبيرًا، إذ أنه قد يؤثر على السياسة الداخلية والخارجية للبلاد وعلى مستقبل الرئيس محمد ولد الغزواني ونظام حكمه.
ومن أجل تحليل دقيق و دراسة الوضع بعناية لفهم تأثير هذه القضية الحساسة على الإستقرار السياسي للنظام يمكننا القول بأن تأثير هذه القضية ينقسم إلى النقاط التالية :
*تأثير إيواء المهاجرين: *
إيواء المهاجرين في موريتانيا يعني استضافة ٱلاف اللاجئين من جنسيات ومعتقدات وثقافات مختلفة ومن بينهم ربما المطلوبين للمحاكمة أو الإبعاد من قبل دول أخرى؛ وهو ما يمكن أن يؤثر على العلاقات الدولية لموريتانيا وقد ينتج عنه توترات دبلوماسية مع الدول المعنية. بالإضافة إلى ذلك، قد يؤدي إيواء المهاجرين إلى تعقيدات قانونية وسياسية داخلية تتطلب حلاً سريعًا وفعالًا.
*أثر هذا الإجراء على الرئيس غزواني ونظام حكمه:*
يمكن أن يشكل لعب المعارضة الراديكالية لورقة ملف الهجرة وخلق رأي عام وطني اختبارًا صعبًا للرئيس غزواني ونظام حكمه.
كما قد تواجه الحكومة ضغوطًا داخلية وخارجية لاتخاذ قرارات صعبة بشأن هذه القضية، مما قد يؤثر على شعبية الرئيس واستقرار الحكومة. لذلك ستكون مهمة إدارة هذا التحدي بشكل فعال مسألة تتطلب قيادة قوية واتخاذ إجراءات دبلوماسية حكيمة.
*تأثير ملف الهجرة على المستقبل السياسي للرئيس غزواني:*
إن أي فشل في التعامل بشكل محكم مع الهجرة وحقوق الإنسان، سيؤثر سلبا لا محالة على البلاد ونظام الحكم القائم فيها. أما إن نجح في إدارته بشكل جيد فعال، قد يزيد ذلك من شعبيته وثقة الناخبين به، وبالتالي يعزز موقعه السياسي في البلاد ويفوز بمأمورية ثانية إن ترشح لها.
في الأخير ، يجب أن يتعامل الجميع مع قضية ملف إيواء المهاجرين في موريتانيا بحكمة وحساسية، وذلك من خلال اتباع استراتيجيات تتوافق مع المصالح الوطنية والدولية وتحافظ على الاستقرار السياسي والاقتصادي للبلاد ومستقبلها.
فالوطن فوق كل اعتبار.