أو بيضة الديك بعد أولاد حارتنا .
على خطى غابريل غارسيا ماركيز سار نجيب محفوظ في كتابة ملحمة الحرافيش، منتهجا الواقعية السحرية كطريق للعرض.
جملة من النظريات الفلسفية إقترنت داخل هذا العمل الصخم ،من الداروينية مرورا بالوليمة الطوطامية لفرويد عبر فلسفات نستشه و شوبنهاور و سارتر دون التغافل عن آراء اخوان الصفا في العدل .
10 قصاص تؤرخ العشرة عوائل من آل عاشور الناجي ، أو المسيح الذي ملأ الأرض عدلا عبر الصراع على من يصبح فتونة الحارة .
يعمل نجيب محفوظ في هذه الرواية على التأسيس للوعي الجماهيري الذي يمكن من خلاله تأسيس مجتمع عادل بعيدا عن الأوليغارشية التي تفرضها بعض الأقليات فتسود الناس بها .
إن الخرافيش هي اعادة نظرة جدلية للتاريخ عبر أسرة عاشور الناجي ، مع استقراء ناقد مبطن للأنظمة الشمولية التي تحكم بعض الدول .
الحرافيش تضمنت النقد اللاهوتي ،الاجتماعي السياسي ،الأخلاقي ،الأمر الذي أضاء قنذيل الوعي في أوساط القاعدة الشعبية ، إذ هي تؤسس لقانون نفي الأضداد عبر الصراع بين العدل و الجور.
إن عاشور الناجي هو كل ضمير حي يسعى لإحلال العدل داخل الواقع كما يمكن تفسيره ميتافيزيقيا بالقول بأنه المهدي الذي طال انتظره و انه لا محالة راجع كما راجع عاشور الناجي.
ان الحرافيش هي ملحمة نظريات و فلسفات و رؤية واعية للتطور الحضاري و الفكري للانسان ، ان هذه الرواية تستكمل ما لم يقل في أولاد حارتنا بل تفوقها في واقعية الطرح و عمقه.
كما ان هذه الرواية حملت الفلسفة على الأدب و لم تحمل الأدب على الفلسفة، و ما شخصيات شمس الدين،جلال،زهيرة ،عاشور ،الا شظايا متبقية من كل نفس بشرية أحسن الكاتب في رصها إلى بعضها البعض منتجا منها رواية خالدة في الأدب العربي الحديث .
وهران/ الجزائر