موريتانيا أمانة فى عنق من يحكمها،و هذه الاتفاقية المروج لها،و رغم تحفظ الكثيرين عليها داخل موريتانيا،فإن الحكومة نفسها تعرف عنها كل شيئ و يجب التحفظ الشديد من كل ما قد يشكل خطرا حقيقيا على المصير الوجودي لموريتانيا،ولات حين مناص،و حتى لا يقول المسؤول يوما،لو استقبلت من أمري ما استدبرت،أما المال فليس مكسبا مطلقا،لأن شرط ذلك الاستفادة منه،و الحكومة الحالية برئاسة غزوانى مقرة بوجود الفساد و ضرورة مكافحته،و قد أعلن ذلك الوزير الأول فى خطاب رأس السنة قبل أيام غير كثيرة،مما يعنى أن الاستفادة تماما من نصف مليار أورو غير مضمونة.
و المهم باختصار هو بقاء موريتانيا مستقرة،بعيدة عن ما قد يؤثر سلبا على تركيبتها السكانية و أمنها و وجودها،و الاتفاقية ،إن تمت المصادقة عليها فى ثوب قريب من ما يروج له الأوربيون ،ستكون مصر خطير كبير و وشيك على موريتانيا،للأسف البالغ.
و إذا كان المال المنتظر قد يتعرض لسوء التدبير،بسبب إقرار الحكومة نفسها بوجود سوء تسيير المال العمومي،فقد يعنى هذا ذهاب المال المرتقب فى وجهة غير ذات نفع عام و تبقى موريتانيا تتحمل أعباء حراسة أوروبا و زاخرة بما تقذف به بعض الدول الافريقية من شذاذ الآفاق،و هذه هي المحصلة الأرجح ،فى نظر البعض،فى حالة إقرار الاتفاقية.
و فى الحقيقة نحن امام ورطة كبيرة،و بالنسبة للكثير من من أتابعهم فى الأعلام ينصحون بالابتعاد عنها مطلقا،و الحكومة تراقب و تترقب و قد أصدرت وزارة الداخلية بيانا للتطمين،لكن من ترك الحزم ذل،و موريتنيا مستقرة خير من كل أموال الدنيا،و أننى لمطمئن لإدراك الجهات المعنية لكل أبعاد المشهد،و فى الحديث :الدين النصيحة،قلنا لمن يا رسول الله؟،قال لله و لكتابه و لأئمة المسلمين و عامتهم".
و نصيحتي لعامة الموريتانيين فى هذا الصدد و بإيجاز،عدم التفريط و عدم التهويل،و نصيحتي للجهة المعنية،و لأن النصيحة أمانة على ضوء هذا الحديث،فأنصح فحسب بمضمون حديث نبوي آخر:"دع ما يريبك لما لا يريبك"،مع أني مطمئن لأمانة ولي الأمر،محمد ولد الشيخ محمد أحمد ولد الشيخ الغزوانى.
و مهما تكن موريتانيا بحاجة للمال أو مضطرة للتعامل مع الأوربيين فى هذا الصدد،و أوروبا تعتقد فى أموالها للضغط على الدول الضعيفة،لكن الكرامة و مصالح الوطن فوق كل اعتبار،و الأمر حسمه يعنى الجهات الحكومية لدى الطرفين،الموريتاني و الأوروبي،و الأولى هو الحساب الحازم لمثل هذه الخطوة،التى قد يصعب التملص منها بسهولة،و كما يقال فى المثل الحساني،"لهروب ألا قبل إلحوك".
و مهما يكن إغراء المساعدات الأوروبية فى هذا الاتجاه،فقد تكون مجرد عسل دس فيه السم،و ربما الأولى الصبر على مرارة الحرمان من هذه الأموال،رغم أني لا أعرف هل ستجد الحكومة سبيلا وسطا ،يجمع بين الالتزام النسبي ببعض المهام الحرسية و الاحترازية مقابل انتفاع من الوعود المالية.
و ربما تتحفظ حكومتنا مطلقا فى وجه هذه الاتفاقية،و بوجه عام مازال الأمر غامضا نسبيا،لحين تحديد الموقف النهائي من هذه الاتفاقية،التى مازال صداها يتردد لفرط التخوف من بعض جوانبها.