الرجل الظاهر في الصّورة مكبلاً صامتا، بنظرات الخوف والاستسلام, يدعى صالح ديبى إتنو, أخ الرئيس السابق لجمهورية تشاد إدريس ديبى الذي أغتيل في ابريل عام 2021 ، وعم رئيس المرحلة الانتقالية الحاكم الجنرال الشاب محمد إدريس ديبى إتنو، قدمته وسائل اعلام تشادية رسمية أمس الخميس بعد أن حاصرت قصره واقتادته إلى الرئاسة بالقوّة.
عاش صالح إتنو فترة طويلة من النفوذ والسلطة في عهد حكم أخيه أدريس ديبى الذي منحه سلطة مطلقة، شغل منصب المدير العام للجمارك التشادية طيلة 11 سنة، فضلا عن كونه صاحب السلطة الأولى والأخيرة في أقاليم الوسط، تتحدث تقارير إعلامية محلية عن ارتكابه الكثير من الانتهاكات والجرائم في حق التشاديين, قمع منتقديه بالقوّة وسجن الكثيرين, استمرّت الحياة بزخرفها وعطائها الترفي تدر على صالح إتنو, إلى غاية العام 2021 الذي جاء حاملاً معه اغتيال أخيه حاكم البلاد، الرئيس محمد إدريس ديبى، فانقلبت الموازين وتغيّرت المعادلة على الأرض، جاء موت الأب بحكم الابن محمد إدريس ديبى, شاب يافع بالكاد يصل عمره 30 عاما أنذاك, فبدأ باستراتيجية جديدة لإحكام قبضته على البلاد في ظل ما تشهده الدولة من صراع مسلّح وانقسامات سياسية, يبدو أن الابن أخذ درساً مهما من اغتيال والده, فقام بإبعاد المقربين منه, وتقويّة جهاز الاستخبارات وجعله تحت إشرافه دون سواه, وغيّر مراكز القيادات العسكرية، هذه التغييرات وأسلوب الحكم الجديد، لم يوافق هوى العم الذي دأب على أن يكون طرفا في كل تغيير, كما لم يوافق شخصيّات عسكرية ذات قربى.
غادرت بعض الشخصيات السياسية التشادية البلاد لما ضاقت بهم الأرض ذرعا، وعلى رأسها صالح إتنو الذي انتقل إلى المملكة المغربية واستقرّ هناك لفترة، قبل أن يتم استدعائه من قبل الحاكم الجديد ابن أخيه محمد إدريس ديبى في إطار تسوية اجتماعية عائلية، ومنحه منصبا مهماً في رئاسة الجمهورية، ودارت الأيام إلى غاية 10 فبراير 2024 قرر صالح الدخول في معارك سياسية جديدة ومواجهات الشاب الحاكم، فاتصل برئيس الحزب الاشتراكي بلا حدود يحي ديلو الذي قتل في هجمات الأمس, وانضم إلى حزبه, في تحدّي واضح لحاكم البلاد الجديد, فقرر الأخير إنهاء صوت الحزب الاشتراكي، خصوصا بعد اتهامهم بتنفيذ الهجوم على مركز الاستخبارات الوطني, والذي أودى بحياة عدة أشخاص.
ببساطة شديدة جداً، ما تعيشه تشاد هذه الأيام شبيه ما وقع في نفس هذا التوقيت من العام 2021 حيث التحضير للانتخابات الرئاسية وصراع الأحزاب السياسية على السلطة، في ظل وجود خلاف عميق بين أفراد الأسرة الحاكمة, فضلاً عن تأثيرات سياسية وعسكرية وقبلية من الجارة السودان، خصوصا أن تشاد أتهمت نهاية العام 2023 من طرف حكومة بورت سودان أنها اصبحت منصة لتهريب السلاح القادم من الامارات إلى الدعم السريع عبر مطار أم جرس، اعتقد أن الوضع في البلد بحاجة لعقل وحكمة، إن لم يضع حاكم البلاد الجنرال إدريس ديبى حدا للخلاف الأسري والقبلي القائم قد تتطور الأمور وتخرج عن السيطرة، الحرب في السودان أحد المخاطر التي قد غذي عوامل السقوط في الحفرة، خصوصا في ظل وقوع هجمات الأمس التي راح ضحيتها عشرات الأشخاص من الطّيف السياسي والعسكري, والذين لهم ابناء عمومة في السودان.