كشف وزير الخارجية والتعاون الإفريقي والموريتانيين في الخارج محمد سالم ولد مرزوك أن موريتانيا تحتضن أكثر من 250 ألف لاجئ مالي في مخيم "مبرة" بولاية الحوض الشرقي، كما تستضيف ما بين 350 و400 ألف شاب مهاجر من دول الساحل منتشرين في أنحاء البلاد.
ونبه ولد مرزوك خلال كلمته في افتتاح مؤتمر المانحين لدعم اللاجئين في الساحل وحوض بحيرة تشاد المنعقد في مدينة جدة بالمملكة العربية السعودية إلى أن أعداد الشباب الذين تستضيفهم البلاد من دول الساحل يعادل نحو 10% من إجمالي السكان.
وأشار ولد مرزوك إلى أن الأهداف التي تأمل موريتانيا أن تتحقق من خلال هذا المؤتمر لا تقتصر على معالجة الاحتياجات الإنسانية الفورية، بل تسعى إلى بناء شراكات ووضع أطر مستدامة ترتكز على رؤية متعددة الأبعاد وطويلة المدى.
ونوه الوزير بأهمية صندوق منظمة التعاون الإسلامي لتأهيل وتشغيل الشباب في منطقة الساحل وحوض بحيرة تشاد، والذي تم اعتماد نظامه الأساسي في الدورة 50 لمجلس وزراء خارجية منظمة التعاون الإسلامي المنعقدة في العاصمة الكاميرونية ياوندي نهاية شهر أغسطس الماضي، وتم النص عليه كمنظمة متخصصة تحتضنها الجمهورية الإسلامية الموريتانية.
وأضاف أن هذا الصندوق يراد له أن يكون أداة فاعلة في بناء المجتمعات وتحصينها، بعيدا عن هاوية التطرف والعنف وإغراءات الهجرة غير النظامية، وذلك من خلال تمكين الشباب اقتصاديا، بتأهيلهم وتدريبهم، وفتح آفاق العمل أمامهم.
وعبر الوزير عن أمله في أن ينال هذا الصندوق الدعم المطلوب من المانحين، ليتمكن من الانطلاق نحو تحقيق أهدافه المنشودة في أقرب الآجال.
وشكر الوزير السعودية على حسن الاستقبال وكرم الضيافة، كما شكر الأمانة العامة لمنظمة التعاون الإسلامي على التحضير والتنظيم الجيدين لهذا الحدث المهم، مضيفا أن المؤتمر بحكم مستوى ونوعية المشاركين فيه، يشكل إطارا مثاليا لتوحيد الجهود وتعزيز التعاون الدولي في مواجهة التحديات المتفاقمة في منطقة الساحل وحوض بحيرة تشاد التي تعتبر حلقة محورية في أي بناء استراتيجي للأمن والاستقرار الإقليمي والدولي.
وضم الوفد الموريتاني المشارك في المؤتمر إلى جانب وزير الخارجية، مفوض حقوق الإنسان والعمل الإنساني والعلاقات مع المجتمع المدني سيدي أحمد بنان، والسفير المكلف بمهمة بديوان وزير الخارجية حسني الفقيه، ومندوب موريتانيا لدى منظمة التعاون الإسلامي محمدن آبود.
وتحدث ولد مرزوك عن توجيه نسبة كبيرة من موارد القوات الأمنية في موريتانيا لإدارة تدفق اللاجئين والمهاجرين، مما يؤثر بشكل مباشر على القدرة على الاستجابة للتحديات الأمنية الأخرى.
كما نبه إلى أن مخيم اللائجين الماليين في "امبرة" أقيم سنة 2012؛ وبلغ، منذ أكثر من سنة، أقصى طاقته الاستيعابية، مما دفع اللاجئين الجدد للتوجه إلى قرى أخرى من الولاية المتضررة أصلا من تأثيرات التغيرات المناخية، لافتا إلى أنه من الطبيعي أن تتولد عن هذا الأمر تحديات كبيرة تؤثر سلبيا على التعايش السلمي، وتوفير المياه، والصرف الصحي، والمأوى، والغذاء، يتساوىَ فيها اللاجئون مع المجتمعات المحلية المستضيفة.
وأكد وزير الخارجية التزام موريتانيا بدمج اللاجئين في أنظمة الحماية الاجتماعية والتعليم الوطنية، وتحويل مخيم "امبرة" إلى مؤسسة إنسانية متكاملة ومستدامة، وفقا لبرنامج التنمية البشرية، وفي إطار الشراكات بين الحكومة ومفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين والجهات الفاعلة الإنمائية الثنائية ومتعددة الأطراف العاملة في موريتانيا؛
ونبه الوزير إلى ما يشكله هذا المجهود من ضغط هائل ومتزايد على ميزانية الدولة، وهو بطبيعة الحال - يضيف الوزير - مجهود ينبثق من اختيار وَاع والتزام راسخ من موريتانيا تجاه استقبال اللاجئين ورعايتهم والمساهمة الفعالة في تعزيز السلم والاستقرار في المنطقة.
وأعرب وزير الخارجية الموريتاني عن أمله في أن "يقدر هذا المحفل المبارك، هذا الجهد حق قدره" مطالبا بأن "يتضمن تقريره والبيان الصادر عنه بوضوح التأكيد على استفادة موريتانيا من الآلية التي سيتم إقرارها، بما يمكن من توفير الموارد اللازمة لتحسين ظروف التكفل باللاجئين، وتعزيز الاستجابة الإنسانية والتنموية لمواجهة التحديات القائمة".
ورأى ولد مرزوك أن الاستجابة لتدفق أكثر من 100 ألف لاجئ مالي هذا العام تتطلب دعما قويا من المجتمع الدولي في شكل استثمارات قطاعية تضمن جودة الخدمات الأساسية، وتحقيق المساواة مع المواطنين المحليين، وتعزيز القدرات المحلية.