تجاوز إلى المحتوى الرئيسي

d

من عجائب القراءن

قد تكونُ بعضُ الألفاظ في القرآن الكريم غريبةً على بعض القارئين، وغرائبُ القرآن ليست مُنكرة أو نافِرة أو شاذة، فالقرآنُ منزّهٌ عن كل هذا، وإنما اللفظة الغريبة لا يتساوى في العِلم بها أهلُها وسائرُ الناس.

جبر

 

أصل الجَبْر: إصلاحُ الشيء بضرب من القهر، يقال: جَبَرْتُهُ فَانْجَبَرَ واجْتَبَرَ، وقد يقال الْجَبْرُ تارة في الإصلاح المُجرد، نحو قول عليّ رضي الله عنه: (يا جَابِرَ كلّ كسير، ويا مسهّل كلّ عسير) والجَبْر في الحساب: إلحاق شيء به إصلاحًا لما يريد إصلاحَه، وسُمي السلطان جَبْرًا كقول الشاعر:

«وأنعم صباحًا أيها الجبرُ» لقهره الناس على ما يريده، أو لإصلاح أمورهم.والإجبار في الأصل: حملُ الغير على أن يجبر الآخر لكن تُعورف في الإكراه المُجرّد، فقيل: أَجْبَرْتُهُ على كذا، كقولك: أكرهته.وسمي الذين يَدَّعون أنّ الله تعالى يُكره العباد على المعاصي في تعارف المتكلمين «مُجْبِرَة» وفي قول المتقدمين جَبْرِيَّة وجَبَرِيَّة. والجبّار في صفة الإنسان يقال لمن «يَجبُر نقيصَتَه بادّعاء منزلة من التعالي لا يَستحقُها» وهذا لا يقال إلا على طريق الذم، كقوله عزّ وجل: (وَخابَ كُلُّ جَبَّارٍ عَنِيدٍ) إبراهيم، وقوله تعالى: (وَلَمْ يَجْعَلْنِي جَبَّارًا شَقِيًّا) مريم ٣٢، وقوله عزّ وجل: (إِنَّ فِيها قَوْمًا جَبَّارِينَ) المائدة ٢٢، وقوله عزّ وجل: (كَذلِكَ يَطْبَعُ اللَّهُ عَلى كُلِّ قَلْبِ مُتَكَبِّرٍ جَبَّارٍ) غافر ٣٥، أي: متعال عن قبول الحق والإيمان له. يقال للقاهر غيره: جَبَّار، نحو:(وَما أَنْتَ عَلَيْهِمْ بِجَبَّارٍ) ق ٤٥، ولتصوُّر القهر بالعلو على الأقران قيل: نخلة جبّارة وناقة جبّار، وما روي في الخبر: ضِرس الكافر في النار مثلُ أحُد، وكثافة جلده أربعون ذراعًا. فأمّا في وصفه تعالى نحو: (الْعَزِيزُ الْجَبَّارُ الْمُتَكَبِّرُ) الحشر ٢٣، فقد قيل: سُمي بذلك من قولهم: جَبَرْتُ الفقيرَ، لأنّه تعالى هو الذي يجبرُ الناس بفائض نعمه، وقيل: لأنه يجبرُ الناس، أي: يقهرُهم على ما يريده .فإنّ الله تعالى قد أجبر الناس على أشياء لا انفكاك لهم منها حسبما تقتضيه الحكمة الإلهية، وذلك كإكراههم على المرض والموت والبعث، وسخّر كلا منهم لصناعة يتعاطاها، وطريقة من الأخلاق والأعمال يتحرّاها، وجعله مُجبرًا في صورة مخيّر، فإمّا راض بصنعته لا يريد عنها حِوَلا، وإمّا كاره لها يكابدها مع كراهيته لها، قال عزّ وجل: (نَحْنُ قَسَمْنا بَيْنَهُمْ مَعِيشَتَهُمْ فِي الْحَياةِ الدُّنْيا) الزخرف ٣٢

21:57 - 2024/02/04
21:57 - 2024/02/04

تابعونا

fytw