تجاوز إلى المحتوى الرئيسي

d

تأملات مع الذات بعنوان: تكامل العبودية/ الإمام اكوهي

  (J'écris,donc j'existe.)

العبودية الحقة الله عز وجل تعني في حقيقتها اتجاه الجزء الأكبر من مشاعر العبد نحوه سبحانه، حتى ينعكس ذلك على معاملته له بمقتضى الحال التي يعيشها والأحداث التي يمر بها، ليتمثل فيه قوله صلى الله عليه وسلم: «عجبا لأمر المؤمن، إن أمره كله له خير، وليس ذلك لأحد إلا للمؤمن، إن أصابته سراء شكر فكان خيرا له، وإن أصابته ضراء صبر فكان خيرا له»(1).

هذه هي العبودية الحقة من المؤمن الله عز وجل أن يعبده سبحانه، وتتجه مشاعره نحوه حسب الحالة التي يمر بها، فتجده يتقلب بين الخوف والرجاء والرضا والفرح والانكسار و

أما العبودية الناقصة فهي تتمثل في التركيز على جانب أو جوانب بعينها وترك أخرى، فهذا الأمر له أضرار كثيرة، ومنزلقات خطيرة.

يقول ابن رجب: وقد علم أن العبادة إنما تنبني على ثلاثة أصول الخوف والرجاء والمحبة، وكل منها فرض لازم، والجمع بين الثلاثة حتم واجب، فلهذا كان السلف يذمون من تعبد بواحد منها وأهمل الآخرين.

فإن بدع الخوارج ومن أشبههم إنما حدثت من التشديد في الخوف والإعراض عن المحبة والرجاء.

وبدع المرجئة نشأت من التعلق بالرجاء وحده، والإعراض عن الخوف وبدع كثير من أهل الإباحة والحلول - ممن ينسب إلى التعبد - نشأت من إفراد المحبة والإعراض عن الخوف والرجاء (2).

سياج المحبة

معنى ذلك أن عبادة الله بالمحبة فقط لها مخاطرها ومنزلقاتها.

يقول ابن تيمية: الحب المجرد تتبسط النفوس به حتى تتسع في أهوائها إذا لم يزعها وازع الخشية الله، حتى قالت اليهود والنصاري نَحْنُ أَبْنَاءُ اللهِ وَأَحِبَّاؤُهُ] [المائدة: 18] (3).

لذلك كان مقياس المحبة الصادقة الله عز وجل هو ظهور علاماتها التي بينها الله في كتابه، وبينها رسوله في

(1) رواه مسلم.
(2) استنشاق نسيم الأنس لابن رجب 18- 21
(3) التحفة العراقية في الأعمال القلبية لابن تيمية 59.

قراءة ممتعة في ليلة جمعة مباركة.

00:38 - 2024/04/26
00:38 - 2024/04/26

تابعونا

fytw