شارك 32 عضوا من برلمانات الدول الأفريقية في اجتماع "المبادرة الأفريقية الإسرائيلية" في أديس أبابا مؤخراً، وبإصدار قرار يدعم إسرائيل، أدانوا أيضا تصرفات المنظمات الدولية ضد الاحتلال، كما أدان القرار تحركات إيران ووكلائها أيضاً.
ووفقاً للأنباء والتقارير المنشورة في سبتمبر الماضي حول مجريات هذا اللقاء الإفريقي - الاسرائيلي، فقد عقد في أديس أبابا اجتماع بعنوان "القمة البرلمانية الأولى للمبادرة الأفريقية الإسرائيلية"، وتمخّض عنه صدور قرار يدعم الكيان الصهيوني.
وقّع خلال هذه القمّة التي استمرت ليومين، 32 عضو برلمان من 20 دولة أفريقية، على قرار أديس أبابا الداعم لإسرائيل، والذي أُعلن خلاله أن لهذا الكيان الحق في السيطرة على "كل الأراضي التاريخية لفلسطين" وطالبوا بالاعتراف بأن القدس كلها (غير القابلة للتقسيم) أصبحت عاصمة لإسرائيل.
ويأتي توقيع القرار تتويجا لقمة استمرت يومين للمبادرة الإفريقية الإسرائيلية، والتي بدأت في العاشر من سبتمبر/أيلول في العاصمة الإثيوبية أديس أبابا، وقد استضافت القمة مجموعة الضغط الإسرائيلية ومقرّها القدس، ومبادرة إفريقيا-إسرائيل، ومؤسسة ثينك-إسرائيل (Thinc - Israel ).
وحضر الاجتماع مشرعون من بلدان مثل "الكاميرون وجمهورية أفريقيا الوسطى وجمهورية الكونغو الديمقراطية وإثيوبيا وغانا وساحل العاج وكينيا ونيجيريا وجنوب السودان، وسواتيني، وأنغولا، بوتسوانا، ملاوي، مدغشقر، رواندا، سييرا، بالإضافة الى ليون وتنزانيا وأوغندا وزامبيا ودول أخرى.
وينتمي جميع البرلمانيين المشاركين في الاجتماع تقريبا إلى تكتّل حلفاء إسرائيل، التي تنظمها مؤسسة حلفاء إسرائيل، والتي تمارس ضغوطًا نشطة على البرلمانات الوطنية من أجل إصدار تشريعات مؤيدة لإسرائيل عبر "الدبلوماسية القائمة على الدين".
تشكّلت مبادرة أفريقيا-إسرائيل في عام 2012 وهي متأثرة بشدة بسياسات البرلمان المسيحي الإنجيلي في جميع أنحاء أفريقيا، والتي بدأت بقرار يتعهد بتعزيز "محبة الله لإسرائيل والشعب اليهودي في جميع أنحاء أفريقيا والعالم".
وتأتي القمة وسط ردود فعل دولية متزايدة ضد إسرائيل بينما تواصل إسرائيل حربها المدمرة المستمرة منذ 11 شهرا ضد غزة وشعبها.
القرار الصادر عن القمّة الافريقية الاسرائيلي يدافع عن جرائم إسرائيل في غزة ويؤكد "حق إسرائيل في أن تكون في حدود آمنة خالية من الأعمال والتهديدات الإرهابية" بحسب زعمه.
القرار المثير للجدل شدّد ايضاً على معارضته للتحركات والقرارات الدولية التي تجري على قد وساق ضد الكيان الصهيوني، وأورد في هذا الصدد: نحن ندين الهجمات القانونية على إسرائيل في الأمم المتحدة، والمحكمة الجنائية الدولية، ومحكمة العدل الدولية، والاتحاد الأفريقي، والتي تقوض المفاوضات والاتفاقيات القائمة.
كما أدان هذا القرار الإجراءات غير القانونية كما زعم أنها تتم في المحافل الدولية بقيادة جنوب أفريقيا ضد الدولة اليهودية، معلناً دعمه أيضًا لعضوية إسرائيل كعضو مراقب في الاتحاد الأفريقي.
هناك أسباب كثيرة تدل على أن هذه القمة ليس لها أي "وزن سياسي"، ناهيك عن أنها ستسبب إذلالاً وإحراجاً للمشاركين فيها، سنذكر منها:
1. غياب الحضور الرسمي للحكومات الإفريقية، ناهيك عن أنه لم يشارك في هذه القمة أي مشاركين مهمين، وأظهرت أن إسرائيل ليس لها موقف رسمي ودعم في القارة السمراء، وأن الحكومات الإفريقية غير مستعدة للقاء إسرائيل.
2. إن حضور هذه القمة وقيادتها من قبل لوبيات يهودية بدلا من المؤسسات الرسمية يضعف الدور السياسي والمستقل لإفريقيا وهذا الحدث هو عمليا لابي للضغط.
3. تجاهلت الدول الأفريقية في هذه القمّة عملياً جرائم إسرائيل ضد أهل غزة ولبنان، والتي تضر بصورة أفريقيا كقارة تناضل من أجل العدالة وحقوق الإنسان.
4. التوقيع على قرار يدعم بشكل غير مباشر كياناً متورطاً في جرائم حرب يمكن أن يسبب العار والحرج للمشاركين في هذه القمة.
5. الدول الإفريقية، التي عانت هي نفسها من تاريخ مرير من الاستعمار والإجرام بحقّها، نأت بنفسها عن تاريخها النضالي من خلال دعم إسرائيل التي تعرف دولياً أنها مُستعمرة في الأراضي المحتلة.
6. من شأن هذا الإجراء أن يضعف موقف الدول الأفريقية في المنظمات الدولية والدول الحليفة في مسائل حقوق الإنسان والعدالة الدولية.
7. فرضت بعض دول العالم عقوبات على إسرائيل بسبب أعمالها العسكرية ضد الفلسطينيين ولبنان، حتى دول من قبيل بريطانيا وألمانيا حظرت تصدير الأسلحة لكيان الاحتلال. في هذه الحالة، يمكن للعلاقات الدبلوماسية مع الكيان الإسرائيلي المنبوذ أن تضر بصورة الدول الأفريقية.
8. كثير من الشعوب في البلدان الأفريقية، وخاصة المجتمعات الإسلامية والخيرية، يعارضون دعم إسرائيل. ومن الممكن أن تؤدي مشاركة أفريقيا في هذه القمة إلى الإضرار بعلاقاتها الدبلوماسية والاقتصادية مع العالم العربي والإسلامي.
في الأثناء يرى بعض المحللين الإثيوبيين، أنه مع دخول حرب غزة شهرها الحادي عشر ومقتل ما لا يقل عن 41 فلسطينيا، معظمهم من المدنيين، فإن إسرائيل معرضة لخطر وضع عالمي فوضوي، وحتى حلفاء إسرائيل التقليديين الأوروبيين والغربيين بدأوا ينأون بأنفسهم من الحرب، حيث إعتمدت دول من قبيل بريطانيا وكندا وإسبانيا وهولندا حظرًا طفيفًا على الأسلحة ضد هذا البلد.
كما تأتي القمّة وما تمخّض عنها في ظل جهود تل أبيب لإحياء هوية إسرائيل المفقودة ومصداقيتها واستقطاب الدعم الدولي بأي شكل من الأشكال.
إلاّ أن المُشين بالنسبة لمن شاركة من الدول الأفريقية في هذه المسرحية المُشينة، هو الانغماس في هذا العمل المهين والتغاضي عن دماء الأطفال والأبرياء في غزة ولبنان والموافقة على إجراءات إسرائيل المناهضة لحقوق الإنسان والتي لن ينساها التاريخ، خصوصاً أن هذا التحرّك من قبل بعض المشرعين الإفريقيين يعتبر غير مقبول بين الدول الحرة والمدافعة عن حقوق الانسان في القارة السمراء.