سمير باكير- في ضوء زيارة قائد شؤون غرب أفريقيا في وزارة الدفاع الأمريكية إلى نيجيريا، وعقب الانسحاب الكامل للقوات العسكرية للبلاد من النيجر هذا الشهر، عقد هذا المسؤول العسكري الامريكي اجتماعا مع السلطات النيجيرية واجرى معه التلفزيون الوطني النيجيري مقابلة، عقب ذلك خيّمت على الأجواء سحابة من القلق بشأن عزم واشنطن تشييد قاعدة عسكرية لها في نيجيريا.
وأعرب الجنرال كينت إكمن، وعلى الرغم أن الهدف الرئيسي لزيارته كان بحسب زعمه ابداء قلقه البالغ إزاء التطرف العنيف وتراجع الحكم الديمقراطي في منطقة غرب أفريقيا، وتفاقم حالة انعدام الأمن وتحت ذريعة الابتزاز الذي تمارسه مالي عقب انسحاب القوات العسكرية الأمريكية من النيجر و الاستعداد للتعاون، وإبداء الجيش المشترك في افريقيا المزيد من التعاون مع تكتل إيكواس، لكن من الناحية العملية كل ذلك مسرحية هزيلة، لان مهمة القيادي العسكري الامريكي لها أهداف محددة تتمثل في تعبيد الارضية لإنشاء قاعدة عسكرية في نيجيريا بما يتماشى مع عدم قدرة حكومة هذا البلد على معالجة المخاوف الأمنية والعسكرية. يلي ذلك التعامل مع بوكو حرام والفولاني وقطاع الطرق الإرهابيين داخل دول غرب إفريقيا.
فيما سبق، بحث الجيش الأمريكي وبشكل عام الحكومة الأمريكية مخاوف الدول الأعضاء في المجموعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا ايكواس مع مسؤولين نيجيريين رفيعي المستوى عدة مرات، ونظرا لاندثار الحكومات الديمقراطية، لا سيما في غرب افريقيا، فقد تم نقل هذه المخاوف أخيرا إلى مجموعة إيكواس .
جنرال القوات الجوية الأمريكية اوضح جهارا أن محاربة الإرهابيين عسكريا تعني معالجة أعراض المشكلة. ووفقا له، فإن أفضل نهج هو تحديد ومعالجة الأسباب الجذرية والرئيسية التي تسببت في خلق واستمرار الإرهاب في 15 دولة عضو في المجموعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا. واستعرض بعض الأسباب، بما في ذلك القضايا المتعلقة بسوء الإدارة على مستوى الحكومات المحلية، وتزايد المشاكل الاقتصادية والمعيشية المحلية، وعدم إمكانية الوصول إلى الخدمات، والمنافسة على الموارد المحدودة، وتغير المناخ.
وردا على سؤال حول سبب تزايد كوارث التطرف العنيف في أفريقيا، رغم تأسيس أفريكوم منذ عام 2007، في إجابة غير منطقية، اعتبر هذه القضية غير أمنية، وقال: "على نحو متصاعد، وجه التطرف العنيف والمنظمات المتطرفة انظارها إلى أفريقيا، وخاصة غرب أفريقيا، وأعتقد أن وجود مقر أفريكوم في القارة الأفريقية في هذا الوقت هو أمر رائع.
إن الوجود العسكري الأمريكي في نيجيريا، مثل العراق وأفغانستان وغيرها من البلدان التي أنشأت فيها الولايات المتحدة قواعد عسكرية، لن يفشل في حل المشكلة فحسب، بل سيفضي أيضا إلى تفاقم حالة انعدام الأمن، وسيخلق تهديدات جديدة، كما ستؤدي حرية عمل الجنود الأمريكيين والعسكريين ومضايقتهم للمواطنين واستحالة تقديم الشكوى ضدهم ومعاقبتهم إلى انبثاق جماعات إرهابية وتدريب أشخاص للقيام بأعمال إرهابية والتجسس والتدخل في الشؤون الداخلية لدول القارة السمراء، وهو ما يرفضه الرأي العام والعديد من المسؤولين.
تعقيبا على ذلك، كتب ناثانيال باول، الباحث في شؤون النزاع الأفريقي: "حذرت مجموعات مختلفة وخبراء أمنيون الحكومة النيجيرية من قبول مثل هذه الطلبات، داعين لرفضها".
وكتب عدد من المسؤولين من الولايات الشمالية لنيجيريا رسالة مفتوحة إلى الرئيس بولا تينوبو، يطلبون منه توخي الحذر في توقيع اتفاقية دفاع مع الولايات المتحدة أو الحكومة الفرنسية.
من جهته ايضا قال جبرين إبراهيم، كبير الخبراء في مركز الديمقراطية والتنمية (CDD) : "إن توقيع معاهدة دفاع بين نيجيريا وامريكا سيشكل تهديدا عميقا لسيادة واستقلال نيجيريا". إن فكرة وجود قوة إمبريالية أجنبية لديها قاعدة عسكرية لا يحق لنيجيريا الوصول إليها هي مسألة تثير قلقا كبيرا، كما يتضح من الاتفاقيات التي أبرمتها امريكل مع دول أخرى سيشكل هذا الامر تهديدا لسيادة واستقلال الشعب. و الحكومة النيجيرية لن تعلم حينها ما يوجد في تلك القاعدة الامريكية من الأسلحة أو وجود أسلحة نووية.
ووصف السيناتور النيجيري السابق شهو ساني، وهو من أشد منتقدي الولايات المتحدة، بأن هذا الامر "دعوة مفتوحة لإعادة استعمار أفريقيا". ووفقا له، يجب على نيجيريا فقط طلب "المساعدة الفنية" لا أكثر.
بناءا عليه، وإن كان في المظروف والبيان الضمني، فإن مسؤولي السفارة الأمريكية في أبوجا، ومنعا لبلبلة الرأي العام والموقف السلبي لبعض الأوساط الإعلامية النيجيرية، ينفون عزم بلادهم إقامة قاعدة عسكرية أمريكية في هذا البلد.
لكن بناء على الأدلة يبدو أن الزيادة في المساعدات الإنسانية الأمريكية لنيجيريا في الأشهر الأخيرة، والاتجاه المتزايد للعلاقات التجارية بين البلدين، ورئاسة نيجيريا في تكتل التعاون الاقتصادي لدول غرب أفريقيا، ومعايير مؤشر القوة العسكرية (عدد السكان، القوة العسكرية، الحجم) والقلق من تزايد النفوذ الروسي في هذا البلد، مثل النيجر (رفع العلم الروسي عقب الاحتجاجات الأخيرة في 1-10 أغسطس 2024)، يعبد الارضية لمزيد من الوجود العسكري الأمريكي من خلال إنشاء قاعدة عسكرية في نيجيريا مقارنة بما توفره الدول الغربية الأخرى في المستقبل.
12:32 - 2024/09/10
12:32 - 2024/09/10