تجاوز إلى المحتوى الرئيسي

d

طرفة بن العبد الشاعر الذي يصل نفسه

‏طرفةبن العبد من الشُّعراء الّذين رثوا أنفسهم، قال هذه الضَّادية في الحبس وقد عَاينَ الموت:

‏ألا اعْتَزِليني اليومَ خَولةُ أو غُضِّي
‏فقدْ نَزَلتْ حَدباءُ مَحكَمَةُ العَضِّ

‏أَزَالَتْ فؤادي عن مَقرِّ مَكانِهِ
‏وأضحى جَناحِي اليومَ ليس بذي نَهْضِ

‏وقد كنتُ جَلْداً في الحياة مُدَرِّئًا
‏وقد كنتُ لبّاسَ الرِّجالِ على البُغْضِ

‏وإِنِّي لَحُلْوٌ للخليلِ وإنّني
‏لَمُرٌّ لِذي الأضغانِ أُبْدِي له بُغْضِي

‏وإنّي لأستغني فما أَبْطَرُ الغِنَى
‏وأعرضُ ميسوري لِمَن يبتغي قَرْضِي

‏وأَعسِرُ أحياناً فتشتدُّ عُسْرتي
‏فأُدرِكُ ميسورَ الغِنى ومعي عِرضِي

‏وأستنقذُ المولى مِن الأمرِ بعدَما
‏يَزِلُّ كما زَلَّ البعيرُ عن الدَّحْضِ

‏وأَمْنَحُهُ مالي وعِرضي ونُصرَتي
‏وإنْ كان مَحنِيَّ الضّلوعِ على بُغْضِ

‏وأقضي على نفسي إذا الحقّ نابني
‏وفي النَّاس من يُقضى عليه ولا يَقضِي

‏وإنْ طَلبوا وُدِّي عطفتُ عليهمُ
‏ولا خيرَ فيمَن لا يعود إلى خَفْضِ

‏وإني لذو حِلْمٍ على أنَّ سَوْرَتِي
‏إذا هَزَّني قومٌ حَمِيتُ بها عِرْضِي

‏إذا مُتُّ فابكيني بما أنا أهلُه
‏وحَضِّي عليَّ الباكياتِ مَدَى الحَضِّ

‏قال الجاحظ في البيان والتبيين: ليس أحدٌ أعجب من طرفة بن العبد وعبد يغوث بن وقاص الحارثي؛ وذلك أنَّا إذا قسنا جودة أشعارهما عند نزول الموت بهما لم تكن دون سائر أشعارهما.

15:09 - 2024/03/03
15:09 - 2024/03/03

تابعونا

fytw