زارني البارحة صديق عزيز..وسعدت كثيرا بملاقاته..
منذ فترة طويلة لم التق به..
انه شخص نادر.
انه شخص نظيف.
لقد تعرفت على هذا الاطار الكفؤ في تلك الاجواء المحمومة التي سادت في نواكشوط بعد انقلاب صيف 2003 وكان من الشخصيات الموريتانية التي اخذت مسافة من النظام القائم ساعتها.. وقد بذل جهدا يستحق التنويه والاشادة في حملة الضغط السياسي الهادف الى تجنب الاعدامات المتوقعة في محاكمات وادي الناقة.
قرر بطوعه دعم احمد ولد داداه في رئاسيات 2007 ومن بين مائة شخصية نسقت توحيد موقفها واغلاق الباب امام تغول العسكر..لم يصمد الا قلة.
لقد تراجع جلهم.. عند اول مكالمة او مقابلة..
لكن صدافة ظل على موقفه ملتزما بكلمته.
بعد تغيير 2008 عينه محمد ولد عبد العزيز مكلفا بمهمة في الوزارة الاولى..
لكنه لم يقبل الانفكاك من رفاقه فاستقال عند اول خلاف..
وبعد خسارة الانتخابات ظل شامخا رغم عوادي الزمان وجور السلاطين..
ما قد لا يعرفه جل الناس ان صدافة كان لديه ما يخسره..
وقد خسره بطيبة خاطر..
انه من اعيان الحوض...
وهو نجل لمشيخة ضاربة في القدم.. ولها مصالح واهتمامات تقليدية..
وهو اطار بارز.. فقد كان اول قبطان موريتاني..
اي اول موريتاني تخرج في فن الملاحة..
بعد ان درس السنين الطوال في موانئ البحر الاسود وبحر البلطيق ..
وقد جاب الدنيا في كل اتجاه..!
ثم ان هذا الرجل كان عمدة لبلدية توجونين..
بعد ان فاز في اقتراع مشهود ومتفق عليه..
ولا يظنن احد ان الابواب كانت مغلقة في وجهه ، فخاله-يحيى ولد حدمين- امضى السنين الطوال رئيسا للحكومة.. وفي بني عمومته.. من يود تسهيل امره وفتح كل باب امامه.
لكن مواقفه..المبنية على المروءة والوفاء جعلته ينتبذ بعيدا عن مراكز السلطة والقرار..
كم فرحت بدعمه لترشيح الرئيس محمد ولد الشيخ الغزواني راجيا ان يجد ذلك الدعم التقدير المستحق وان يلقى صاحبه المكانة اللائقة..
بعلمه ..وخبرته..ومصداقيته.
الآن وبعد اقتراب المأمورية الاولى للرئيس من نهايتها مازال صدافة يراوح مكانه..
وسالته عن السبب فابتسم وقال : ما المسؤول بأدرى من السائل..!
اعتقد ان الرئيس لا يريد تركه على قارعة الطريق..
وقد وعد ان لا يترك احدا على قارعة الطريق..
ومثل صدافة لا يترك على قارعة الطريق..
ربما كل الامر يتلخص في ان الحاشية لم تذكره بهذا الشخص الحاذق والمتميز..
فنوره يظهر عيوب الكثيرين.. من اهل التسلق والتودد والتزلف...
وصدافة ولد الشيخ الحسين ليس من الذين يتزاحمون.. لنيل مكسب..
ان هذا الصنف النادر من الناس يساعد برصانته وقناعته وحياءه على نسيانه.
اتمنى ان اراه في قابل الايام في المكانة التي يستطيع بها ان يفيد هذا النظام الذي يحتاج لكل من يعززه بصدق واخلاص ..ولا يحتاج لمزيد من المتسلقين والدجاجلة..
فقد تحلق حوله منهم ما يكفي لتموين افريقيا من كل انواع الببغاوات والمطبلين وحملة المباخر.