وخير ما نستهل به هذه العجالة هو استجلاب حكمة، حكمة أهل العقول والرشد "كفاك من عقلك ما أوضح لك غيك"
ثم بادئ ذي بدء سنعنى باللغة والإصطلاح فكلمة الإنصاف ل"مصدرها أنصف، وإنصاف المظلومين يقتضي تمكينهم حقوقهم، وهذا ما يعني إزالة الظلم عنهم.. وكما تأتي بمعنى العدل" واصطلاحا يقتضي "أن يتم إعطاء الشخص لغيره من الحق من نفسه، وهذا يكون مثل الذي تحب أن تأخذه منه إذا كنت مكانه ويكون هذا قولا وفعلا..". ولا يزين المرء ويرفع من شأنه، ويشعره باحترامه أمام نفسه والآخرين، متبوِّئًا الدرجات العُلا وقس على ذلك أهل الحل والعقد كمثل الإنصاف بالإنصاف قولا وممارسة ومظهرا ومخبرا كقيمة في la nomenclature épistémologique ففي تبني الإنصاف لازمة متجذرة وطريقة نتبادلها مع الكل أيا كان انتماؤه، وشعارا نؤمن به، وسلوكا نمارسه، يعود على البلد بالخير العميم والصلاح العظيم، وذلك يعني ببساطة أن ينصف بعضنا بعضا حكاما ومحكومين في الحقوق والواجبات. وأن نعامل مواطنينا ونحفظ لهم مكانتهم ونحترمهم ونكون خدامهم بذات القدر والمستوى الذي نريده ونتطلع إليه منهم، وأن نشاركم الأمر ونقر لهم بحقوقهم ونعترف لهم بالخطأ والذنب والتقصير إن وجد عند الإقتضاء ... وكلما بينت لنا الحقائق الساطعة على مرايا مجريات الأحداث اليومية التي يعيشها المواطنون وظروف معيشتهم ومتابعة الدواخل التي تقودها إكراهات الإنصاف وتدفع بها إلى الإعلان والبوح بها يلغطيها ويخفيها ويخبئها تارة أخرى اجل إن الظلم والإجحاف والجور أكثر فأكثر بضغط وتأثير سافرةبفعل بعض الأهواء والأغراض الفاسدة من هؤلاء والمكابرة والحسد وطغيان المصالح الشخصية والتعصب من أولئك... . فالإنصاف كقيمة أو متلازمة إنسانية عالية القدر وقع عليها اختيارنا بأنفسنا لأنفسنا سيكون لها لا مناص تأثيرها ايجابا أو سلبا على المثل والمبادئ الأخلاقية الأخرى السائدة في المجتمع. لأن الشخص المنصف عادة ما يكون دون شك مصلحا محبا للخير كريما متفاعلا في خدمة مجتمعه، وأما من يكابر ويعاند ويأبى أن ينصف الآخرين فلا يتوقع منه خيرا ولا مروءة، أحرى أن يعمل على توفر الدعامات الأساسية للحكامة الرشيدة وسيادة القانون ودولة المؤسسات والعدالة في المجتمع... فـ"الإنصاف خلق عزيز ومطابخ جماهري يقتضي منا جميعا حكاما ومحكومين ، رعاة ورعية أن ننزل الناس منازلهم" ويقول الشاعر في هذا المعنى:
إذا كنت لم تنصف أخاك وجدته @ على طرف الهجران إن كان يعقل
فمعاملة الناس كل الناس بإنصاف وحفزهم بشكل أفضل على العطاء هو كما قال مصطفى السباعي : بأنه " لا سبيل إلى إنصاف مخالفيك الرأي معما كانوا ما لم تستمع إليهم وترى ما لديهم"
وكما قال الشاعر : آخ الكرام المنصفين وصلهم @ واقطع مودة كل من لا ينصف
يومكم سعيد..
...