رغم ما يوصف به الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترمب من يمينيةٍ وشعبويةٍ مفرطة أو عدم إتزان في التصريحات والأقوال، إلا أن واقع الحال أثبت عملياً وحتى كلامياً أنه لم يوصل الإدارة الأمريكية والعالم إلى هذا الحدّ من الخطر والسوء الذي سببه وجود العجوز المنبطح لسياسات المجمع الصناعي العسكري العالمي بايدن الذي أجج بسياساته الرعناء توحش كل كيانات الرأسمالية الغربية لنهش خيرات الشعوب حتى لو كانت شعوبها، وإشعال توترات واستفزازات فوق الحروب قد تهدد لدى حدوث خطأ أو حادث بسيط بالإنزلاق إلى حرب نووية أو عالمية ثالثة. وهنا نرى الفرق في أن ترمب اعتزّ مراراً وتكراراً بصداقته وعلاقاته مع الدول القوية النووية وعدم معاداتها بأي شكل، وبالتأكيد فإن هذا الأمر منطقي، وتحديات بايدن لتلك القوى لن تسبب سوى عالم أسوأ.
لقد أقرّ ترمب بتصريح له يوم الأربعاء بأن الرئيسين الروسي فلاديمير بوتين والصيني شي جين بينغ يحبان بلديهما عكس بايدن الذي فشل بسياساته في تحقيق النجاح لبلاده، بل ذهب ترمب إلى أبعد من ذلك في تصريح سابق للقول، إن الولايات المتحدة تحولت إلى مكبّ نفايات لبقية دول العالم بفعل سياسات بايدن. كما سبق وتحدث عن أنه لو وصل للحكم مجدّداً فسينهي الحرب الأوكرانية في يوم واحد، دون أن يدخل في سيناريوهات اختباء خلف الأصابع، أو حديث عن قوة بلاده العسكرية؛ فالصراع خطير وغير قابل للخجل أو التورية، وما يحتاجه من أي عاقل هو الإيقاف لأنه مهما كانت النتائج كارثية على الإمبراطورية الأمريكية شبه المنهارة، فإنها ستكون أقل وطأةً عليها وحتى على العالم بأسره إذا تم وقف الصراع والاستنزاف في أوكرانيا وإن تضمن اعترافاً ضمنياً بهزيمة أمريكا وحلفائها.
وبغض النظر عن نتائج السباق المحموم على الوصول إلى المكتب البيضاوي فإن ترمب كان وما يزال ينتقد “الناتو”، ويعتبر أنه من غير المنطقي أن تنفق الولايات المتحدة أموالها على حماية الدول الأوروبية أو الإنخراط في حروب كرمىً لعينها.
وحتى على الصعيد الدولي فإن ترمب لم يهتم بنشر ثقافات الولايات المتحدة أو ابتزاز الدول بما تردده الإدارات الأمريكية المتعاقبة عن محاسبة الدول لتقصيرها بموضوع “حقوق الإنسان”، بل كان صريحاً وفجاً في فرض أتاوات مالية تقبضها بلاده بكل وقاحة من الدول الأخرى كثمنٍ لسياسات حمائية معينة دون أي مراوغات أو تصريحات زائفة.
إن ما يشهده العالم خطير، ويحتاج رأيه العام لتكرار مثل هذه الإعترافات الصريحة بغض النظر عن وصول أو عودة مطلقيها للسلطة لإنعاشه من حالة التخدير التي يرزح تحت وطأتها؛ فالعالم الآن إضافة إلى أنه على شفى حفرة الحروب والتوترات، إلا أنه مهدد أيضاً بقيم وأخلاق أشد خطراً من تلك الحروب، تعمد إلى نشرها قوى اليسار الأنغلوساكسوني المسيطر على الآلة الإعلامية العالمية باستغلال العديد من العوامل كتبني أفكار الأقليات بما فيها الشاذة فكرياً وأخلاقياً لتدجين الشعوب وتحقيق مصالح الليبرالية الجديدة في نهب المزيد من ثروات العالم بعد ترويضها.
بشار محي الدين المحمد