الخلافات في التكتل ليست وليدة اللحظة و ليست ناتجة عن الحالة الصحية للرئيس أحمد شفاه الله و عافاه ، و إنما هي كرة ثلج تدحرجت كثيرا قبل أن تبلغ هذه الدرجة ، و هي ببساطة ناتجة عن تدخل جهات في النظام و محاولة السيطرة على التكتل و ما يجري فيه من خلال وكلاء لها في التكتل ، يشرفون على تنفيذ أجندة النظام ، الذي لم يكتف بالميثاق الذي وقعه التكتل معه ، و لم يكتف بفترة المهادنة الطويلة بينه و المعارضة عموما ، إنما ظل يصر على السيطرة على قرارات التكتل من خلال جماعته المعروفة ، و التي وجهت لها هذه الاتهامات مباشرة و أمام الرئيس أحمد و تمت تسمية الجماعة فردا فردا ، لكن ذلك لم يردعها و لم يجعلها تتنازل عن مهمتها المقدسة و التي وجدت مقابلها في أعطيات و تعيينات مهمة ، بل ظلت تتحمل الإهانات من الجميع لأنها تجد مقابلا لذلك الصبر و تلك ( الصلابة ) ، لكن المستغرب هو كيفية تعامل النظام مع التكتل ، فرغم ضعف الحزب و تشتت ناخبيه و القطيعة بينهم مع الحزب و مع قياداته ، رغم كل ذلك أصرت دوائر في النظام أن تشرف بنفسها على تفتيت آخر خلية من الحزب الذي لم يعد يملك سوى تلك الرمزية و ذلك التاريخ .. ثالثة الأثافي هي قيام ( مجموعة النظام ) بالضغط على الرئيس أحمد و هو في المستشفى قبل سفره أن يوقع القرار القاضي يتسليم صلاحياته لأحد معاونيه و هو ما مثل موقفا غير أخلاقي و لا سياسي و محاولة انقلاب على قرارات الحزب الذي سبق و كون لجنة سياسية ذات صلاحيات واسعة لتسيير شؤون الحزب و خصوصا متابعة الميثاق الذي استدعى الكثير من النقاشات و الاجتماعات تم فيها نقاش موقف الحزب من النظام و موقفه كذلك من المعارضة و قد تخوفت جماهير الحزب من إدارة مجموعة ( النظام ) للملف و محاولتها جر الحزب لمواقف لا يتم الاتفاق عليها و التشاور ، و قد وقع ما كان يخشاه كثيرون عندما ضغطت هذه المجموعة على الرئيس و هو في حالة مرض و نزيل مستشفى لكي يوقع ذلك القرار ( المشبوه ) و الذي رفضته اللجنة السياسية في بيانها السبت ، و رأت أنه يتعارض مع بعض المواد المنظمة لعمل الحزب ، كما أنه يمثل موقفا أخلاقيا مستهجنا و غير مقبول.
في هذه الظرفية التي يمر بها الحزب على جميع العقلاء فيه أن يقدموا مصلحة الحزب على المصالح الشخصية ، و عليهم الخضوع لإرادة الأغلبية و التشاور مع جميع أطياف الحزب و مكوناته الوازنة، كما أنه على النظام أن يدرك أن مجموعته لا تمثل الحزب و ليس لها وزن داخله أو شعبية ، و أن أبناء الحزب الذين ناضلوا فيه منذ بداياته و استطاعوا الوقوف أمام الأنظمة السابقة ، لن يعجزهم الوقوف أمام مجموعة تسيرها دوائر معروفة و مصالح محددة ، و لن يتركوا الحزب فريسة في يد بعض ممتهني التقرب من الأنظمة و المتاجرين بالمواقف .. و لعل إدارة النظام لهذه القضية من خلال الأيادي الخفية و تجربته مع التكتل لن تشجع الأحزاب الأخرى على الاقتراب منه او توقيع مواثيق معه ..
محمد سالم ولد الشيخ