ما حصل في 20/ 8 / 2011 في ليبيا ، هو خلاصة تنفيذ لاستراتيجيات غربية اعدت لعقود من الزمن ، تعكس روح العداء الصليبي المتجذرة في عقليات الساسة الغربيين ،في ظل عالم مضطرب ومختلة فيه المعايير والقيم الدولية محركها عشرة عناصر ، تشكل مجتمعة القضاء علي أي مشروع تحرري وطني أو قومي أو انساني في المنطقة من المحيط إلي الخليج العربي ، أو العالم
هذه العناصر الثلاثة هي :
اولا / العداء الشخصي للقائد الشهيد معمر القذافي ، بإعتباره بؤرة تفكير وطني وعربي وإنساني ، ومعارض وطني وعالمي ، وتأصل هذا العداء اثناء فترة حكم الرئيس الامريكي الاسبق ريغان ، ورئيسة وزراء بريطانيا السابقة مارغريت تاتشر ، ووصل إلى حد العدوان العسكري المباشر في شهر ابريل 1986 م
ووصف وسائل الاعلام الامريكية انذاك القذافي بانه اخطر رجل في العالم
ثانيا / اطماع الدول الغربية في موقع وثروات ليبيا
ثالثا / معاقبة ليبيا لدعمها حركات التحرر العالمي ، وفي مقدمتها القضية الفلسطينية
رابعا / معاقبة ليبيا لدعوتها المتكررة لقيام الاتحاد العربي ، علي غرار الاتحادات والفضاءات القارية ، وانجازها الاتحاد الافريقي العظيم
خامسا / الشعور بخطورة المشروع الليبي لصك عملة ذهبية افريقية موحدة ، في مواجهة العملات الغربية
سادسا / الشعور بخطورة المشروع الليبي لارساء مبدأ التعويض عن الحقب الاستعمارية علي غرار ما تم مع ايطاليا
سابعا / الشعور بخطورة المشروع الليبي لربط الانهار الافريقية ، نهر الكونغو ، وشاري ، وبحيرة تشاد بالنهر الصناعي العظيم في ليبيا ، وترعة النوبارية في مصر
ثامنا / الشعور بخطورة المشروع الليبي لاحياء مصارف البذور الوطنية ، لتحرير الغذاء وتكسير احتكاره من قبل الشركات الكبري المتعددة الجنسية
تاسعا / الشعور بخطورة المشروع الليبي لطرح وطن بديل للاسرائيليين في الالزاس او اللورين ، او ولاية الاسكا الامريكية ، أو القبول بحل الدولة الواحدة المنزوعة السلاح النووي ، وعودة ملايين النازحين الفلسطينيين في المنافي والمهاجر
عاشرا / الانزعاج من قيام القائد الشهيد القذافي بتمزيق ميثاق الامم المتحدة الظالم ، وصفع به وجه الامين العام للامم المتحدة عام 2009 وانعكاسات ذلك علي خلق حالة تمرد دولي علي المنظمة
لذا اتخذ قرار بازاحة القذافي واغتياله ، بقوة حلف الناتو الاستعماري ، بعد فشل كل المحاولات السابقة لاقتناصه وتعقبه ، ومهد لذلك بازاحة نظامي مبارك في مصر ، وبن علي في تونس ، كمدخل ومقدمة ومد جسور للوصول لليبيا ، وصاحب ذلك حملات اعلامية مظللة ، سخرت لها كافة أدوات المكينة الاعلامية الامريكية والغربية وللاسف العربية ، وركزت الحملات علي قلب الحقائق في ليبيا ، والقاء اللوم علي سياسات القذافي ، ولايخفي علي احد تأمر الجامعة العربية وامينها انذاك ، والادوار القذرة لقناتي الجزيرة والعربية الفضائيتين ، في صناعة التضليل والبهتان ، وتهييج الشارع الليبي والعربي يطول الحديث أن احتجنا اليه ..
في ذلك اليوم صار المشروع الامبريالي والصهيوني والرجعي حقيقة واقعة علي الارض الليبية ، وعلامة جديدة من تواصل الحروب الصليبية ، مالا يعرفه الكثيرون من ابناء وبنات الاجيال المعاصرة في ليبيا أن ما تم في عام 2011 م هو رد فعل طبيعي جدا علي :
اجلاء القواعد العسكرية البريطانية والامريكية من الارض الليبية
طرد بقايا الاستيطان الاستعماري الايطالي البغيض وعودة الاملاك المستردة للشعب
تأميم المصارف والشركات الغربية ، وقيادة ليبيا معركة الدول المالكة للخامات
وما نقوله كنقاط علي سبيل المثال لا الحصر ، كمسببات ودوافع للعدوان ، ومرامي اخري هي حبيسة ادرج مراكز الدراسات السياسية والاقتصادية والعسكرية والامنية في الدول الغربية ، التي اعترف ساستها بعد استشهاد القائد القذافي ، بتأثير وصدقية وجدية وجرأة وابداع السياسة الخارجية الليبية في عهده
نعيش اليوم نقيضها علي الواقع بعد انحسار وتقلص الدور الليبي إقليميا وعربيا وافريقيا واسلاميا ودوليا !!
وكم جنت ليبيا من مكاسب من وراء سياسات القذافي ، آمنت ليبيا لأكثر من اربعة عقود من الزمن ، ودفعت ثمنا بالغا في المقابل بفعل رحيله واستشهاده
لا أظن ، ولا أتمني ان مواطنا ليبياً ، أو أحداً لديه ذرة عقل وانتماء لا يلامس ويعي ذلك ، ويسمح باحتلال عقله هو الاخر ، وينغمس دون ان يدري في أتون المؤامرة الكونية علي بلاده
استشهاد القذافي لا يعنى موت مشروعه ، أو تطويع انصاره ، فليبيا والوطن العربي وقارتي افريقيا وامريكا اللاتينية تزخر بعشرات الملايين منهم ، ولم تكن إراداتهم خاضعة او قابلة المرحلة الراهنة والرهيبة والأليمة ، وحتما سترسم هذه الارادات ، وموجات ناشئة جديدة من القيادات الوطنية الشابة مشارف لوضع وعالم جديد ، وستضع إجابات جذرية لكثير من الاسئلة التي ظلت اكثر من قرن مبهمة عن مستقبل المشروع الامبريالي والصهيوني والرجعي ، بحلول خلاصة لتراث الأجداد والاباء والحكماء والفلاسفة ، الممتد في اعماق التاريخ وتجارب الشعوب ، وعدم امكانية التعايش السلمي مع الدول المشبعة بأرث ثقافة الحروب الصليبية ، وستولد ليبيا كعملاق جديد ، وستقف مجددا ومرة اخري في الخط الامامي ، وفي مقدمة اصطفافات القادة والامم والشعوب ، بعد رحيل واستشهاد العملاق المؤسس الأول ، وعلامات ذلك ارتقاء وعي الشارع الليبي ونخبه وادراكهم حقيقة المؤامرة الكونية ، وخروج عدد من الدول عن بيت الطاعة الامريكية والغربية ، وانهيار نظام القطب الواحد ، والصراع الروسي الغربي ، وتمرد افريقيا علي الغرب ، وتلاحم الصين والهند في مواجهة الهيمنة الامريكية..
المصدر:الاعلام الليبي