كل مرة أنظر إلى واجهة الهاتف الجوال يطالعني سؤال مثبت بأعلى الشاشة بصيغة ( بم تفكر ؟ ) وكثيرا ما تجاهلت هذ السؤال لأنني لم أقرر بعد أن أكون ناشطا في جمهور هذ التطبيق .
والان فقط قررت أن أشارك هذ الجمهور العريض المحترم ببعض الآراء المفترض أن تكون هما عاما يجمعنا وأبوح ببعض المكنونات التي سكنت عقلي ووعيي منذ كنت شابا يافعا أدرس في بعض الجامعات العربية وأقارن بين وطني و هذه البلدان التي تجمعنا بها مشتركات كثييرة وظروف لاتخلوا من التشابه .
يتعلق الأمر إذن بواقع بلدنا ( موريتانيا ) الذي أريد أن أفتتح الحديث عن واقعه ومستقبله باثارة التساؤلات التالية :
لماذا سارت جميع شعوب العالم في ركاب التحضر والتقدم - بدرجات متفاوتة بالطبع -وبقينا نحن نراوح مكاننا، رهائن لثقافة وعقلية وفهم وسلوك ماقبل الدولة وماقبل الحداثة .
فأين تكمن العلة في عدم القدرة على تجاوز ذلك .
ولماذا فشلت محاولات التحديث ومحاولة استبدال هذه الثقافة بثقافة المواطنة والإيمان بالدولة والوطن ونبذ الأنانية والقبلية والاتكالية والكسل والسيبة والنهب بثقافة حديثة تكفًل الإعلام والتعليم الوطنيين بزر عها وفشلا في ذلك على مدى ستة عقود .
وهل هذا هو سبب التأخر الحاصل أم ان للخصوصية الجغرافية و البيئية مساهمتها التي لايمكن غض الطرف عنها، والمتمثلة في شدة التصحر من خلال رمال متحركة تحملها رياح هوجاء تطمر كل مانشيده من بنى تحتية أو تشوهه وتفرض علينا أزياء غير عملية شديدة الخصوصية لنواجهها بها .
وباختصارشديد هل المشكلة تكمن في الإنسان أو المكان ؟
وكلاهما يلعب دورا محوريا في التنمية والتحضر .
ثم هل كان أسلافنا المرابطون أكثر ذكاء إذ كانوا حين وصلوا مرحلة إنشاء الدولة، انسحبوا كليا من هذ ه البلاد و أقاموا دولتهم على سفوح وتلال وجبال المغرب الأقصى
وانطلقوا انطلاقة صاروخية، مالبثوا أن شيدوا خلالها إمبراطورية عظيمة
هزت العالم وانتزعت الاحترام ، هل كان سيتسنى لهم ذلك مثلا لو إتخذوا من انواكشوط عاصمة لهم ؟؟؟
ليس المقصود من هذه التساؤلات جلد الذات ولا استفزاز الضمير الوطني - إن وجد - ولا التثبيط ، و إنما إنما دعوة لتعميق التفكيز فى مسالة مزمنة بنية حسنة ودافع وطني للاسهام في المجهود الوطني الساعي إلى غد أفضل .
ذلك ان حالة هذ البلد المزمنة لا تبعث على التفاؤل والله ( لايغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم )
فنحن كمجمتمع نشكل معاول هدم لهذ الوطن ولا نشكل سواعد بناء له كل يهدم من جانبه ؛ فباعة اللحوم والألبان مثلا يقومون بتسميمها ويدفعون بها إلى المستهلك ،وتجار السوق يستجلبون أرخص مايوجد في الأسو ويزورون العلامات التجارية ويجددون صلاحيات المواد الاستهلاكية من تلقاء أنفسهم ، وتجار الأدوية يوزعون السموم في شكل أدوية يشتريها المواطن المسكين ولايعلم أنه يشتري المرض وليس الدواء وهكذ أصحاب المكاييل والموازين الذين لايقصرون في التطفيف ، والأمر للأسف ينسحب على جميع المهن والتخصصات تقريبا ولا أريد التعميم هنا ، لكن ماجاز على المثل يجوز على مماثله ، والنخبة المعول عليها في كشف الحقيقة والانحياز للمواطن العادي المطحون منشغلة بكسب لقمة العيش ولو بطريقة ميكافيللية.
، لذلك (ظهر الفساد في البر والبحر بما كسبت أيدي الناس ) فانتشرت الأمراض الخبيثة واشتهر تسكعنا وموتنا على أبواب مشافي وعيادات الدول المجاورة وغير المجاورة وأثقل كاهل المواطن بتسديد فاتورة العلاج واعتاد الناس على الهجرة في كل الاتجاهات ومن كل المستويات أملا في تحسين اوضاعهم وهذا وغيره بفعل الإنسان في نفسه.
فبأي دين نحن ندين وباي ثقافة نؤمن وعلى أي ضمير نحتكم وأي مستقبل نرجو ما دمنا هكذا.