# ما نراه اليوم ، مجرد ألاعيب سياسية يتبارى أصحابها في الولاء للرئيس لا للوطن ، بما يدمر سمعة الرئيس و مصلحة الوطن !!
# ما نراه اليوم مجرد لافتات واجهية على منصة حماسٍ راقصة ، لا مفكرة !!
# ما نراه اليوم هو حرب على الفساد بإنكاره ، لا بمواجهته !!
# ما نراه اليوم هو ما نخافه بالضبط لا ما نحتاجه قطعا !!
# ما نراه اليوم هو سياسة ترقيع الأخطاء بالأخطاء : وزارات رديفة بلا عمل ، إدارات فاسدة بلا حلول ، لصوص مال عام يدفعون أقساط سرقاتهم يتربعون على عروش ضحاياهم ، فساد إدارة كاملة أصبح أكبر من كل الكلمات ، هيمنة عصابة من النافذين المعفيين من أي عقوبة على سوق صفقات الدولة دون أي وجه حق ، دكاكين أسر تنتحل صفة البنوك تعرقل عملية النمو منذ نشأتها ، فساد أجهزة الرقابة ، تنمر القضاء و تذمر البقية ؛ فماذا بقي لتصلحونه أو تفسدونه !!؟
أوقفوا أيادي الفساد أولا لنقتنع بأنكم مصلحون ..
عاقبوا المفسدين أولا لنقتنع بأنكم جادون ..
أفرضوا هيبة الدولة و احترام القانون أولا ، لنفهم أنكم على مستوى الأمانة !!
أكبر إساءة إلى البلد و أكبر تفريط في مصلحته هو ترك مصيره لحماس شخص واحد تنقصه المعرفة و الخبرة و الإقناع (نقولها لأنه واجبنا .. لأنه مصيرنا .. لأنه وطننا ) : هذا تعطيل و تحييد لقدرات و خبرات شعب كامل !!
سيدي الرئيس ، الشعب الموريتاني لا يستوعب اليوم أن ينتخبكم لتودعوه لآخر و التنصل من مسؤولياتكم !!
ما نستطيع أن نفهمه نحن ، هو :
ـ أن رئيس الجمهورية هو ولد الغزواني ، لا الوزير الأول و لا وزير الداخلية ..
ـ أن البرنامج الذي ينتظر الشعب تنفيذه هو برنامجه الذي انتخبه الشعب على أساسه ، لا برنامج وزيره الأول و لا برنامج وزير داخليته ..
ـ أن تنفيذ هذا البرنامج يتطلب اختيار فرق عمل قادرة و مؤتمنة على تنفيذه ..
ـ أن مهمة الوزير الأول هي تنسيق و متابعة عمل هذه الفرق ..
هذه هي الدولة و أي عمل يخرجنا من هذا الإطار يخرجنا حتما من فضاء الدولة : هذا الهرم المقلوب هو مأخذنا على ما يحدث اليوم.
لقد تم تعطيل كل خبرات البلد في كل المجالات و حصرها في شخص واحد (من حق رئيس الجمهورية أن يثق في ولائه و في قدراته ، لكن ليس إلى حد إلقاء خبرات و مسؤوليات الجميع)..
لو كان هذا الاختيار تجسد في إنشاء فريق عمل مؤتمن من مختلف الخبرات و الكفاءات ، لتطبيق برنامج رئيس الجمهورية ، لكان حتما بدأ بإبعاد أيادي الفساد عن المال العام و اتخذَ إجراءات لضمان حد أدنى للفساد و حددَ الأولويات في كل قطاع و مراحل التنفيذ الممكنة و لَكُنَّا اليوم أمام صورة واضحة لمستقبل واعد نفهم فرص نجاحه و نتفهم هوامش تعثره ..
نحن اليوم مغيبون .. نحن اليوم أمام مغامرة مبهمة النتائج لأنها تتم خارج إطار الدولة (كل شيء في الدولة يتفاعل مع أشياء أخرى ، يؤثر في أشياء أخرى ، تؤثر فيه أشياء أخرى ، يولد حاجات أخرى ، يصنع ضرورات أخرى ، يلغي أشياء أخرى ، ينسجم مع أشياء أخرى ، يتنافر مع أشياء أخرى) ؛ هنا ، كانت هذه الماكينة المعقدة تحتاج مشاركة كل العقول و التخصصات..
أسوأ ما يضرب الدولة في مقاتلها هو الحماس الأعمى و الارتجالية و أحادية القرار و تجاوز التجربة البشرية . و كلها أخطاء نتخبط فيها منذ نشأة الدولة (صراخ ولد حيماسو ، شريعة هيدالة ، هياكل ابريكه ، كِتاب ولد الطائع ، حظيرة ولد عبد العزيز ، جوقة نذيرو…) !!
إلى متى تتزاحم نخبنا و أحزابنا و علماؤنا و رجال أعمالنا و أعياننا و صحافتنا و فنانونا خلف هذه الظواهر الغريبة ، الموغلة في التخلف و التفاهة !؟
إلى متى يعتقد رؤساؤنا أن هذه الغوغاء المجنونة هي الضمان الأوحد لحجز هذا الكرسي المشؤوم!؟
لقد تغير الزمن و أخذ سرعة مذهلة تجعل كل مغامرة غير محسوبة العواقب مُهْلِكَة و هي أمور مرتبطة حصريا بالتفرد بالقرار و الارتجالية و الحماس الأعمى .
ليس في هذا الكلام عداء لأي جهة و لا اتهام لأي أخرى و لا تنقيص بأهمية و أحقية و عبقرية أي ثالثة ، لكنها حقيقة من حقنا و واجبنا أن لا نجامل فيها ..
ـ لدينا سياسيون كبار ..
ـ لدينا خبراء تخرجوا بتميز من أرقى كليات العالم في شتى المجالات ..
ـ لدينا إداريون يشهد الجميع بكفاءتهم و أمانتهم ..
لماذا أصبحت الحقيقة الوحيدة في هذا البلد هي إصرار الأنظمة على تهميشهم خوفا من كفاءتهم و أمانتهم !؟
الجواب على هذا السؤال لا يحتاج عبقرية :
هذه الفوضى هي الضامن الأوحد لبقاء الفاشلين و المتزلفين في واجهة المشهد السياسي و المالي و حتى الثقافي، للبلد !!
الفساد في موريتانيا يتجسد في أجهزة الدولة ، في رجال أعمال البلد ، في صحافة التطبيل ، في القضاء ، في البنوك ، في عقلية كل مواطن و ممارسة كل مسؤول (…) .
لا علم لي اليوم بأي أحد منا يستطيع رمي أي آخر بحجر الفساد من مفتي الديار حفظه الله إلى موزع المخدرات اللعين..
ـ كل حدود موريتانيا اليوم حدود حرب و كل مدنها الكبيرة بؤر توتر .
ـ لا تستطيع موريتانيا اليوم تأمين غذائها مدة شهر ،
ـ لا تستطيع تأمين شربها مدة أسبوع ،
ـ لا تستطيع تأمين كهربائها مدة يوم واحد !
ـ لا تملك موريتانيا اليوم وسائل أي حرب و لا سياسة أي سلم ..
نحن اليوم ، نعيش في عراء أمني كامل ..
ما نحتاجه اليوم ليس الخطط الإصلاحية المطرزة و لا الخطب السياسية المنمقة و لا محاصصات التوازنات الجهوية المريضة ..
ما نحتاجه "الآن ، هو عقول وطنية نيرة و جادة ، لا تعرف غير المواطن و لا تقبل أي اسم أو صفة أخرى له !!
عقول وطنية منزهة و مسؤولة تتفهم كل أسباب الماضي بتجاوز الممكن و البحث عن حلول للفاحش ،
عقول وطنية تستمد صلاحياتها و مسؤولياتها من القانون ، لا من الرئيس و لا من الوزير ؛ يقول فيها محافظ البنك لا للرئيس و المدير لا للوزير ، بحماية قانونية كاملة : جل تعيينات و تحويلات مجلس الوزراء عندنا جرائم في حق الوطن .. في حق أطر الدولة .. في حق الإدارة .. في حق التنمية .. في حق الاستقرار ..
عزاؤنا اليوم، في أن تجاوز المفسدين لكل الحدود هو ما سيلزم حتمية التخلص منهم لأنهم أصبحوا يشوهون واجهة المشهد السياسي و يحولون اقتصاد البلد إلى طاولة قمار و يضرون مصالح الدولة و استقرار النظام و سمعة الرئيس.
و من يسوقون لفخامته اليوم أن هذا الهدوء الصامت حالة صحية ، يدركون حتما أنهم يكذبون أو يجهلون حتما أن كل حالات هدوء الشعوب حالات كاذبة تماما مثلهم.