الحد من المخالفات المرورية
عبر تشديد العقوبات و تغليظ الغرامات و إرساء نظام آلي .
تنتشر المخالفات المرورية داخل العاصمة انواكشوط و كبريات المدن و علي طول المحاور الطرقية بين ولايات الوطن و في الشوارع العامة بشكل كبير و كبير جدا .
نظرا لغياب الوعي المروري لدي السائقين و تجاهلهم للقانون من جهة .
و تراخي السلطات الأمنية في تطبيق القانون من جهة أخري .
في ضوء الإرتفاع المضطرد لحوادث السير و الدهس و عدم الإلتزام بقوانين المرور و السلامة العامة .
بالإضافة إلي حالات الإختناق المروري الواسعة و انتشار معظم المدارس الخصوصية علي جوانب الطرق الرئيسية و ما قد يتسبب من حين لآخر من فوضي عارمة و إزدحام و شبه توقف لحركة السير و تعطيل للمصالح و مضيعة الوقت .
حيث تتحول الشوارع و الطرق العامة إلي ساحات لقطع الطريق بوقوف مفاجئ لوسائل نقل أو توقف عن قصد وسط الطريق تارة للنزول أو للتسوق وقطع الطريق دون مراعاة حق الأسبقية طبقا لقانون المرور.
ما يحصل حاليا من خروج علي قانون المرور تحول من مخالفات مرورية إلي إستفزاز و كسر للنظام العام للقانون و التطاول علي الدولة من بعض السائقين .
فهناك من يتجاوز الإشارة الضوئية الحمراء يوميا كأنها عادة .
في الوقت الذي يستخدم فيه البعض الهاتف النقال أثناء القيادة .
و عدم إرتداء حزام الأمان في ظل السرعة الزائدة داخل الوسط الحضري .
دون تحرك لضبطه و ردعه .
و هناك من يثقل وسيلة النقل بأعداد كبيرة من الركاب و بحمولة زائدة أكثر من المفترض قانونيا دون خجل .
مما قد يتسبب في حوادث سير قاتلة .
سلوك خاطئ هدام غير مدني يستوجب أعلي مستوي من العقوبة و من الغرامات المالية باعتبارها مخالفات خطيرة .
ما كانت لتتحقق و تتكرر منذ أمد بعيد إذا ما تم مضاعفة عقوبات المخالفات المرورية حينها و تشديدها لردع المخالفين دون وساطات و دون إستثناء و بلا تمييز .
فإنتشار المخالفات المرورية بهذا المستوي هو تحد للدولة و للنظام و القانون و مؤشر واضح علي تساهل القائمين علي شأن القطاع في السابق .
و هو نتيجة حتمية لضعف قوانين العقوبات المعمول بها في هذا المجال .
بالتزامن مع بساطة و سهولة إجراءات الحصول علي رخصة السياقة دون معرفة قانون السير أو الوقوف علي الدليل .
قبل إعتماد و إقرار و إصدار السلطات الأمنية مؤخرا مشروع قانون المرور الجديد الذي دخل حيز التنفيذ منذ أشهر و تضمن تشديد و مضاعفة عقوبات المخالفات المرورية و تغليظ الغرامات المالية التي من شأنها أن تسهم في تحسين تدفق حركة المرور و الحد من المخالفات و بالتالي التقليل من حجم الخسائر الناجمة عن حوادث السير .
إذ يجمع كل المراقبين للشأن الوطني علي أنها خطوة في الإتجاه الصحيح لترسيخ السلامة المرورية .
أتت أكلها في ظل صرامة عناصر أمن الطرق و حرصهم علي تطبيق القانون علي الجميع و علي كل فرد مهما علا شأنه أو كانت وظيفته من دون محاباة أو مسايرة .
لأنه يعتبر العامل الأول في تشكيل السلوك المروري الآمن
و قد تجلي ذلك في الحملة الواسعة لفك الإختناق المروري و الحد من الإزدحام بالعاصمة و فتح الممرات نحو الأسواق و ما صاحب ذلك من وضع أقفال علي سيارات و مركبات مخالفة لقانون السير و عدم إطلاقها إلا بعد دفع الغرامات .
وقد شمل هذا الإجراء سيارات حكومية و عسكرية و مدنية بكل الأشكال و الأحجام .
مما يؤكد جدية العمل المقام به .
في الوقت الذي أعلنت فيه الإدارة العامة للأمن الوطني أن ضبط مخالفات المرور علي مستوي العاصمة انواكشوط أصبحت رقمية بشكل كامل .
بالتعاون مع قطاعات حكومية متعددة وزارة النقل إدارة الجمارك الوكالة الرقمية للدولة و وكالة الوثائق المؤمنة
حيث أقتصر دور الشرطي علي تسجيل المخالفة و منح السائق وصلا ألكترونيا لتتم بقية العملية بالتنسيق مع المصالح الآنفة الذكر .
فتغليظ الغرامة ليس غاية أو هدفا في حد ذاته بقدر ما هو وسيلة للحد من المخالفات المرورية التي تشكل خطرا علي السلامة العامة و حياة المخالف في آن واحد .
و قد تم الشروع في رصد المخالفات المرورية آليا .
في ظل وجود وسائل إثبات متعددة تلجأ إليها الإدارة الأمنية و لا يدركها المواطن .
لكن ماذا عن تصحيح مخالفة ثبت تسجيلها علي سبيل الخطأ ؟
و كيف سيكون الإعتراض علي عقوبة مخالفة مرورية لم يكن مالك السيارة طرفا فيها قبل و بعد تجديد إستمارة الملكية ؟
في الوقت الذي تكون فيه بعض السيارات مسجلة بأسماء ملاك سابقين .
ماذا عن رصد وتسجيل المخالفات المرورية في حالة السيارات المسروقة ؟
ما يعاب علي نظام رصد المخالفات المرورية آليا هو أنه يسجل المخالفة بإسم مالك السيارة طبقا لبيانات إستمارة الملكية بدل السائق لحظة إرتكابه المخالفة المرورية و هو ما يعد ظلما صريحا في حق المالك .
إنطلاقا من مقاصد الآية الكريمة من سورة فاطر حول تحديد المسؤولية الفردية . ( ولاتزر وازرة وزرة أخري ..) صدق الله العظيم .
في حين تباينت آراء و إنطباعات المواطنين إزاء تشديد العقوبة و تغليظ الغرامات المالية للمخالفات المرورية و حول نظام ضبط المخالفات ألكترونيا .
ما بين مؤيد يوافق علي تغليظها لتحقيق المزيد من الحماية و السلامة المرورية .
و يعتبرالنظام الآلي لرصد المخالفات نموذجا سيسهم بشكل كبير في الحد من إرتكاب و تكرار المزيد من المخالفات .
و معارض غير راض إطلاقا عن الغرامات المفروضة لأنها مبالغ فيها في كثير من الجوانب و لم تراع ظروف المواطن المطحون رغم إكراهات الحياة .
و لأنها تطبق أحيانا بتشدد و عدم مرونة دون مراعاة الحالة العامة الموجودة من تكدس السيارات و إزدحام المرور و النقص الكبير لمواقف السيارات و أماكن الإنتظار و خاصة وسط العاصمة حيث تم حصر القطاعات الحيوية و المباني الحكومية و الوزارات و كبريات الأسواق والبنوك و المستشفيات و الإدارات في حيز جغرافي واحد .
لذا يرفض تشديد العقوبة و تغليظ الغرامة مقابل تغيير العقلية و المسلكيات السلبية و التركيز علي أهمية التوعية و التثقيف المروري .
لأن الشخص الذي يريد إرتكاب المخالفة لا يفكر بالعقوبة .
و إنما هي مسألة تتعلق بالثقافة و السلوك و الوعي .
و هو ما يتطلب وضع منهج تربوي مروري لطلاب المرحلة الإبتدائية لغرس قيم الثقافة المرورية في وجدان المواطن .
فتكون أساسا لسلوكه في التعامل مع عناصر المرور و الطرق .
كما يري من جهة أخري أن ما يحتاجه الوطن اليوم أكثر من أي وقت مضي في ظل انتشار الفساد علي نطاق واسع هو تغليظ و تشديد عقوبة إختلاس المال العام و ضرورة إرساء نظام آلي ألكتروني لرصد و ضبط حالات الإختلاس و أكل المال العام و سوء التسيير و التدبير و تمرير الصفقات دون وجه حق ،
بغية وضع حد للإفلات من العقاب .
إن الإلتزام و التقيد بضوابط و قواعد المرور و أنظمته يدل علي سلوك حضري .
كما أن التوعية علي السلامة المرورية و تفعيل الإلتزام بها توفر علي الجميع الكثير من المآسي .
فإتقان لغة الطريق ( لغة إشارات المرور )
و التحلي بآدابها تبعدنا بالتأكيد عن الخطر و لو كان بسيطا و تجنبنا الكثير من المخاطر المحتملة و ما قد ينتج عنها من وفيات و إعاقات و خسائر مادية و معاناة نفسية .... الخ .
لذلك من المفترض ألا نتهاون مع الشارع و خطورته بما أنه فضاء مشترك بين المارة و أصحاب السيارات و الشاحنات و التوكتوك و عربات الحمير .. الخ.
و لأننا من خلال الإهمال و الإستهتار قد نهدد سلامتنا و سلامة كائنات بشرية أخري لها الحق في الحياة مثلنا .
و لا يحق لأي كان تحت أي ظرف أو مسمي حرمانهم إياها .
أملا في تمكين الجميع من معرفة أسرار لغة الطريق و إشاراتها .
بغية بناء سلوك مروري قويم مؤسس علي المعرفة بالسير و قواعده .
بعيدا عن الإستبداد و التهور و اللامسؤولية
نزولا عند المثل الشعبي القائل : -
من نور الله قلبه فالإشارة تكفيه .
فما بالك بإشارة المرور ؟!
حفظ الله موريتانيا
اباي ولد اداعة .