مكانة ابن خلدون كمؤرخ ليست محل شك بل عليها إجماع عربي وعالمي ويكفيه أنه أنشأ علما قائما بذاته هو "علم العمران" وهو أساس علم الاجتماع الحديث.
لكن أمانة ابن خلدون فيها ما يقال ولاسيما ما نقله من غير عزو من مصادر متعددة ومنها كتابات "إخوان الصفا".
عمله التاريخي السردي (العبر) ليس كتلة متجانسة بل مادته متفاوتة في القيمة التاريخية، ومنها المتواضع مثل ما كتبه عن دول المشرق ومنها المنقول بواسطة مثل ما نقله من كتب المغاربيين والأندلسيين عن دولة المرابطين والموحدين، لكن مادته المهمة هي تلك التي كتبها عن دويلات الحفصيين والواديين والمرينيين وعن حروب وهجرات وأنساب القبائل الهلالية والسليمية لأنه كان شاهد عيان أو معاصرا لتلك الحادثات.
أما تكوينه العلمي فقد حصل معارف واسعة ودرس على كبار العلماء في تونس وغيرها رغم أن طه حسين نبه على أن ابن خلدون في زيارته للأزهر لم يذكر أنه قدم دروسا محددة للطلبة كما لم يترك لديهم انطباعا مميزا.
ابن خلدون لم يكن شاعرا ولم يشتهر بتلك الصفة وإن كانت له مقطعات جيدة في النسيب وتذكار المعاهد والديار .
لقد كان مفكرا مغاربيا أندلسيا لكنه صار اليوم ملكية عقارية يتنازعها كل قطر على حدة.
من صفحة حماه الله السالم