تجاوز إلى المحتوى الرئيسي

d

يوم من أيام التطريز والفن المعماري الجميل في مدينة النعمة

هو يوم او ليلة مشهودة من تقاليد الديكور الداخلي للمنزل في الحوض الشرقي. 
واغلب الأحيان تتم العملية نهارا ولكن قد يفضل القائمون عليها الليل ..
وشيريف يعني أرضية المنزل او بلاط المنزل التقليدي في الحوض الشرقي..
وهو عملية معقدة جزء منها مهمة الرجال والجزء الأكثر دقة هو مهمة النساء..
وتبدأ العملية برجال من ذوي الخبرة في انواع الحجارة الدقيقة اللينة والتي يصعب التمييز بين انواعها وهي حجارة او رمل خشن له مجاهر او مقالع خاصة ويتم تنقيته بأدوات خاصة للحفر وغربلة الرمل وتنقيته من العوالق الطينية ثم تسحب الكميات المنتقاة الى داخل البيت المقصود ويتم تسويتها ورشها بالماء واعادة التسوية في عملية قد تمتد ثلاث ايام وينتهي دور الرجال. 
يبقى الخليط في البيت في وضعية راحة ليومين او ثلاثة وفي اليوم الثالث او الرابع ..
يتجمع نسوة الحي وفي يدهن ادوات خشبية غليظة تشبه رأس المجداف لكنها اثقل واقصر ومصممة لجلسة المرأة ولايخلو حي من بيت يمتلك ادوات (بط شيريف) سواء الضخمة المصممة للمرحلة التي يقوم بها الرجال او الأخف المخصصة للنساء..
وفكرة المرحلة الختامية التي يختص بها النسوة انها دقيقة وتتطلب اتقان ودقة والنسوة في شأن التفاصيل الصغيرة اقدر من الرجال. 
اذا كان بط شيريف نهارا فإن المنزل المقصود يفترض ان يعد وليمة خاصة وكذالك في الليل  وان كان الليل نادر لأنه ليس مناسب من عدة اوجه. 
منها زيادة رطوبة الأرضية والظلام بحيث قد تهمل بعض التفاصيل إلا أن في عهد احدث مع استخدام الكهرباء والطاقة الشمسية باتت هذه العادة تمارس ليلا أحيانا. 
يبدأ النسوة في تسوية الارضية تسوية اكثر تأني ودقة من المراحل السابقة وتخليصها من الاحجار المتطفلة والعوالق من طين واوساخ وضرب خفيف تحت اشراف سيدة تكون صاحبة تجربة اوسع وتهد لها مهمة الإشراف على رفيقاتها.
ثم مع تقدم العملية يصير الضرب اقوى وباصوات منتظمة ترافقها اهاجيز مثل 
شيريف طاب والله ماطاب..
وفيها كلمات مجزولة طروب وصوت الضرب له ايقاع راقص رائع يسمع من بعيد..
ويستمر الغناء والزغاريد وتنتدب اكثر اصوات النسوة جهورية وتغني اهازيج كلها حماسية. 
وعند الظهر تترك الأرضية تستريح مثل العجينة المستوية ويقدم الغداء ثم عند العصر وبعد الراحة يعود الفريق لمواصلة العملية ويتم رش الأجزاء الناشفة بشكل زائد وتسويتها بباقي الأجزاء وصولا للشكل النهائي وينتهي العمل قبل الغروب او بعده بقليل. 
ثم يبقى البيت مشرع الابواب والنوافذ ليومين او ثلاث بعد ذالك مع مراقبته خوف دخول المواشي والأطفال ومع الوقت يستوي ويتخلص من الرطوبة الزائدة ويصبح جاهز الأرضية وشيريف هو هذه الأرضية واذا كانت العملية مثالية فإن هذه الارضيات تعمر عقودا طويلة بل قد يتهدم البيت وتبقى صامدة.
إضافة الى جماليتها ومقاومتها الحفر من طرف الفئران ومن جهة ارضية شيريف تتكيف ذاتيا مع الفصول.
تمنح الدفأ في الشتاء ومنعشة رطبة صيفا..
وليس لي علم بأنها عملية كتب فيها شعر .
غير انها ارث أصيل من تراث سكان المدن والقرى العتيقة وعملية جماعية ذائعة الصيت في الحوض الشرقي. 
بيد انها تختفي في ظل غزو السراميك وبيوت الخراسانة.

انترنت

01:45 - 2024/01/27
01:45 - 2024/01/27

تابعونا

fytw