تجاوز إلى المحتوى الرئيسي

d

الناها اكوهي يكتب: التملق اقصر طرق التسلق لا إلى الجدار الآمريكي بل الوطني.../

يقول العلامة ابن خلدون عن التملق : 

<< إن الخضوع والتملق من اسباب حصول الجاه المحصل للسعادة والكسب وإن اكثرهم اهل الثروة والسعادة بهذا التملق، ولهذا نجد الكثير ممن يتعلق بالترفع والشمم لا يحصل لهم غرض الجاه فيقتصرون في التكسب على اعمالهم الخاصة، ويصيرون.إلى الفقر والخصاصة..>>

من المعلوم أن شرط النهايات تصحيح البدايات حيث لم يوفق للأسف القائمون على الدولة منذ تأسيها على ارساء ها على دعائم صحيحة واستشرافية تستبعد القبلية والحزبية والجهوية والفئوية.. الخ مقابل بناء الدولة المدنية الحديثة وحيث كنا حديثي العهد بتلك المفاهيم الجديدة علينا- كنا بداة رعاة - اعتبرنا الوطن في اذهاننا إنما هو غنيمة يراد توزيع ريعها بين مختلف الفئات بل أحيانا بين أشخاص محددين ومعروفين. وهكذا دواليك. كانت هذه الرؤية الأولية لواقعنا آنذاك 

ثم سوف أعفي القارئ الكريم  من الحديث عن ما أسمييته - Période charniere وهي الحقبة الاستثنائية التي حكمت فيها الأنظمة العسكرية المتعاقبة حيث لم تتسم بطابع الدولة المدنية ولم يكن لها فيها استقرار كبير.. وظل الحال يراوح مكانه حتى جاءتنا أو فرضت علينا على الأصح عن طريق Mr. Roland Dumas المبعوث الشخصي للرئيس Mittrand  رياح الديموقراطية الإفريقية المستجدأملاها عليه فرضا أو نفلا بعد الأحداث والفضة العارمة لطلبة بعض المدارس في الجارة مالي. فعلا بدأ نظام ولد الطايع يعد العدة على عجل من امره في تهيئة اجواء الساحة الوطنية للسياسة والسياسيين وفتح باب حراك التعددية السياسية على مصراعيه، فسمح بظهور قوى سياسية قبلية طفيلية يسعى من خلالها ارساء أركان نظامه التعددي الجديد واشراك بعض الشخصيات والأطر والوجهاء في اللعبة سعيا لمطامعهم الضيقة والبحث عن مكاسبهم الشخصية بواسطة هطول أمطار من التعيينات في المناصب. االسامية على سماء الحوضين وغيرها من مناطق البلد الأخرى .بعيدا كل البعد عن تحقيق المصلحة العامة للبلد، 

وكان ما كان من اتلزلف والتملق المقيت مما يندى له الجبين حتى صرنا لوحدنا مدرسة مستقلة يحتذى بها في هذا الفن وذلك في وقت قياسي وجيز. حيث تجدهم صغارا وكبارا ونخبة ينشدون القصائد العصماء في حق الرئيس معاوية الخير شعرا ونثرا وحسانية. واصوات الضجيج تعلو كل حدب وصوب خلال الزيارات الداخلية التي كان يتفقد فيها احوال المواطنين من حين لآخر. وكانت الأصوات العالية كلها تشدو وتتغنى بشخص الرئيس وبالوطن والنهضة والإجازات والتقدم الحاصل في البلد والخير خير من اهله على لسانهم. تحت القيادة الرشيدة والحكيمة للرئيس. 

وفي الأخير ها هم اول من انقلبوا عليه بالإنتكاس في المواقف والتمالئ والحياد والتنكر بعد أن اعتقد بهم  زعيمهم خيرا وصدقهم واشركهم معه في تسيير كل شاردة وواردة من نفاصيل يوميات الحكم.وتسيير دفته. حيث لم تكن البطانة من النخبة مخلصة إطلاقا كان الهدف عندها في الأخير غايات أنانية على حساب مصالح الشعب.  يقول الشاعر العربي القديم : 
وتسألني بديلة عن أبيها  ولم تعلم بديلة ما ضميري

كل هذه التراكمات في تسيير الشأن العام طوال عمر الدولة  تكونت لدينا طبقة ممقوتة من حيث ندري أو لا ندري الموسوعة "بالمفسدين" ما كنا عهناها من قبل فاصبحت تتحكم في كل شيء حتى التعيينات في المناصب العليا التي يوليها الموريتانيون كل الأهمية فكان يوم الأربعاءيوم الفصل. وحيث يجري تجاهل الكفاءات وذوي الخبرات المهنية والسياسية من اهل النشأة والسلوك السليم. مما تولد عنه كثير من التهميش والإقصاء والغبن والغم ببين أبناء البلد الواحد.

إن أجواء البلد الراهنة تتسم بوفرة اولئك المتملقين والمفسدين بدرجة كبيرة يمارسون الإنتهازية ويتقلبون في الوظائف من وظيفة لأخرى ذات اليمين وذات الشمال دون انجاز يذكر لهم سوى جمع اكبر قدر من المكاسب الشخصية. فلا بد من الإعتراف بأن هؤلاء المفسدين الذين يصولون ويجولون دون خوف أو وجل قطعا أنهم سحرة ولديهم قدرة فائقة في التلون وقلة الإستحياء وفي التقاط الفرص للتدوير ولبس لكل حالة لبوسها. 

وكذلك لديهم إمكانية وضع انفسهم ووقتهم على جدول كل المناسبات السياسية والإعلامية وحدهم تسلم منهم حفلات الأعراس ومآتم التعزية ذلك ما نشاهده كل يوم وليلة حضورهم شتى. كل ذلك لأجل الظهور في كل مناسبة صغرت ام كبرت.فهم يتاجرون في كل شيء، فلا ندوة تفوتهم، ولا ورشة عمل تغيب عن راداراتهم، في دوامة من تحديد استعمالهم الزمني ولو ليأتون ليبقوا متفرجين ، فيكفيهم التقاط صور على الهامش مع بعض الحضور (سيلفي) ومن الحدث مباشرة على مواقع التواصل ليبدو للمواطن بالصورة ويعطيه الانطباع بأنهم هم من وضعوا مشروع التوصيات والقرارات للحدث أو تلك المناسبة. بعدما اطبعها نقاشات ولكي يظهروا لمن لا يعرفهم وكأنهم من ذوي الإهتمام بالشأن العام.

في حين أن ما يهدفون أليه هو في الحقيقة الصيد في جوف الفرا... للوصول والتقرب من اصحاب القرار والنفوذ والتودد لهم وتبادل الضحكات معم طمعا في حظوة من منصب أو صفقة أو حفل عشاء او غداء وذلك اضعف الإيمان..
إلى متى سنظل على الواقع المرير...؟

16:23 - 2024/04/17
16:23 - 2024/04/17

تابعونا

fytw